قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر: ٢٩] .
إن الإنسان لا يشرف إلا بما يعرف، ولا يفضل إلا بما يعقل، ولا ينحب إلا بمن يصحب .
قال ابن الجزري في طيبة النشر :
لِذَاكَ كَانَ حَامِلـُوا الْقُرْآنِ أَشْرَافَ الُامَّةِ أُوْلِى الْإِحْسَانِ
وَإِنَّهُمْ فِى النَّاسِ أَهْـلُ اللهِ وَإِنَّ رَبَّـنَا بِـهِمْ يُبَـاهِى
وَقَالَ فِى الْقُرآنِ عَنْهُمْ وَكَفَى بِأَنَّهُ أَوْرَثَـهُ مَنِ اصْطَـفَى
ولما كان القرآن العظيم أعظم كتاب أنزل، وكان المنزل عليه صلى الله عليه وسلم أفضل نبي أرسل، وكانت أمته من العرب والعجم أفضل أمة أخرجت للناس من الأمم، وكانت حملته أشرف هذه الأمة، وقراؤه ومقرئوه أفضل هذه الملة.
قال الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر: ٨٧] .
وأَمّا الخبر فمن ذلك ما صحّ عن النبى صلى الله عليه وسلم ، روى عَمْرِو بْنِ الْقَيْسِ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ثَوَابِ السَّائِلِينَ ، وَفَضَلُ الْقُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ.([1])
وعن أَنس رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أَنه قال “إِن لله أَهلين من الناس. فقيل: مَن هم يا رسول الله؟ قال: أَهل القرآن, هم أَهل الله وخاصّته”([2]) قال الشيخ الألباني حديث صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنه يرفعه “أَشراف أُمّتى حَمَلةُ القرآن، وأَصحاب الليل”
وعنه أَيضا يرفعه: “مَن أُعطِى القرآن فظنّ أَنّ أَحداً أُعْطِى أَفضلَ ممّا أُعْطى فقد عظَّم ما حقّر الله وحقّر ما عظَّم الله”
وقال: “من أَوتى القرآن فكأَنما أُدْرجتِ النبوّة بين جنبيه، إِلاَّ أَنّه لم يوحَ إِليه”
وسئل النبى صلى الله عليه وسلم مَن أَفضل النّاس؟ فقال: “الحالّ المرتحل” قيل: ومن الحالّ المرتحل؟ قال: “صاحب القرآن كلَّما حلّ ارتحل” أَى كلَّما أَتمّ ختْمه استأنف ختمة أخرى.
وعن علىٍّ رضي الله عنه قال: ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الفتنة. قلنا يا رسول الله وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم، وفَصْل ما بينكم، وخَبر ما بعدكم, وهو الفصل ليس بالهَزْل, مَن تركه من جَبَّار قصمه الله, ومن ابتغى الهُدَى فى غيره أَضلَّه الله، وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم، وهو الصِّراط المستقيم، وهو الذى لا يلتبِس له الأَلسُن، ولا يزيغ به الأَهواءُ، ولا يَخْلُق عن كثرة الرَّدّ. ([3])
وروى عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خيركم من تعلم القران وعلمه)) رواه البخاري
وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “الذي يقرأ القران وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة, والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه وهو شاق عليه له أجران”. رواه البخاري ومسلم.
وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : “من تعلم آية من كتاب الله استقبلته يوم القيامة تضحك في وجهه”.
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث جابر رضي الله عنه : “من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة إن شاء عجلها في الدنيا وإن شاء ادخرها في الآخرة”.
وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى رضي الله عنه : “مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُتْرُجَّة طعمها طيب وريحها طيب, ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها, ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر, ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها”.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((اقرءوا القران فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه )) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )) لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار, ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار )) رواه البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )(يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا, فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . ([4])
[1] ـ الأسماء والصفات للبيهقي, باب ما جاء في إثبات صفة القول ج1 ص581
[2] ـ سنن ابن ماجه باب فضل من تعلم القرآن وعلمه ج 1 ص 78
[3] ـ بصائر ذوي التمييز, باب فضائل القرآن ج1 ص 39
[4] ـ الإتقان في علوم القرآن, باب فضائل القرآن ج4 ص123