البانر

نص مؤقت

أكمل القراءة...

تمهيد

علم عدِّ آي القرآن هو علم يُبحث فيه عن عدد آيات القرآن عند علماء العدد, من حيث المتفق عليه والمختلف فيه, في رؤوس آي سور القرآن, فهو علم من أجلِّ العلوم, الذي اعتنى به العلماء المتقدمون والمتأخرون .

وقد شرفني الله تعالى بالعمل في ميدان خدمة القرآن الكريم وعلوم القراءات, ووفقني لعملٍ يخدم عدِّ آي القرآن في مختلف الروايات, وذلك في بيان اختلاف علماء العدد منفردين ومجتمعين, تيسيراً على طلبة علم القراءات في جميع الأقطار والأمصار .

 

ومما دعاني لاختيار هذا الموضوع ما يلي :

1 ـ حبي الشديد لعلم القراءات وما يتعلق به من علوم, لذا أردت أن أساهم بعمل أقدِّمه لطلبة هذا العلم, وخدمة لكتاب الله تعالى .

2 ـ أني أقوم بتدريس عدِّ آي القرآن ـ علم الفواصل ـ لطلاب القراءات في معاهد القراءات, فأردت أن أقرب على الطلاب هذا العلم تيسيراً لهم .

 

3 ـ أن علم عدِّ آي القرآن له ارتباط شديد بعلم القراءات, وقد أُلف فيه كثيراً, ولكن ما سبق أن كُتب في هذا العلم على الطريقة التي أعددت .

 

هذا وقد اعتمدت في إعداد هذا الموضوع بعد الله تعالى على ما يلي:

1 ـ المصحف الكوفي “طبعة الشمرلي” رواية حفص عن عاصم , والصادر بتصريح من الأزهر الشريف, وكذلك مصحف المدينة المنورة طباعة مجمع الملك فهد, ومصحف المدينة المنورة رواية ورش عن نافع, ومصحف المدينة المنورة رواية الدوري عن أبي عمرو البصري .

2 ـ متن “الفرائد الحسان في عدِّ آي القرآن” , وشرحه “نفائس البيان” كلاهما للشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله . ( ت 1403 هـ ) المطابع الأميرية بالقاهرة 2003 م , ونفسه تحقيق د / عبد الله علي الميموني , دار ابن الجوزي , الطبعة الأولى 1429 هـ 2008 م .

3 ـ “إتحاف فضلاء البشر” , لشهاب الدين أحمد الدمياطي الشهير بالبنا ( ت 1117 هـ ) , واضع حواشيه الشيخ أنس مهرة , دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1419 هـ ـ 1998م

4 ـ  “جمال القراء وكمال الإقراء” للإمام أبي الحسن علي بن محمد السخاوي ( ت 643 هـ ) . تحقيق: مروان العطية ومحسن خرابة , دار المأمون للتراث , الطبعة الأولى (1418هـ- 1997م ) .

5 ـ “ناظمة الزهر” للإمام أبي القاسم الشاطبي ( ت 590 هـ ) , تحقيق الشيخ علي محمد الضباع , مطبعة مصطفي البابي الحلبي بالقاهرة ( 1354 هـ ـ 1935 م ) .

6 ـ “القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز” المعروف بشرح المخللاتي ـ شرح على ناظمة الزهر ـ للشيخ رضوان بن محمد المخللاتي المكنى بأبي عيد ( ت 1311 هـ ـ 1893 م ) , تحقيق الشيخ عبد الرزاق بن علي إبراهيم موسى , دار مطابع الرشيد 1412 هـ ـ 1992 م .

7 ـ “البيان في عدِّ آي القرآن” للإمام أبي عمرو الداني ( ت 444 هـ ) , تحقيق الشيخ غانم قدُّوري الحمد , الطبعة الأولى , دار مركز المخطوطات والتراث – الكويت – 1414 هـ – 1994 م .

8 ـ “بشير اليسر شرح ناظمة الزهر” للشيخ عبد الفتاح القاضي, دار السلام بالقاهرة .

وجعلت عمدتي في هذا العمل متن الفرائد الحسان , وشرحه نفائس البيان للشيخ عبد الفتاح القاضي رحمه الله , وذلك لأسباب منها :

 

1 ـ أن مؤلفهما ـ رحمه الله ـ اعتمد على أمهات الكتب في هذا الفن, حيث قال في كتابه نفائس البيان: وقد اقتفيت في هذا النظم أثر الإمامين الجليلين أبي عمرو الداني في كتابه ” البيان ” والشاطبي في  ” ناظمة الزهر ” وجعلت هذين الكتابين عمدتي ومرجعي فيما يتعلق بجميع أئمة العدد , ما عدا العدد الحمصي فإنهما لم يتعرضا له ([1]) فجعلت عمدتي في بيانه: ” تحقيق البيان ” ونظمه لخاتمة المحققين الشيخ محمد المتولي, و ” إتحاف فضلاء البشر ” للأستاذ الفاضل الشيخ البنا , و ” لطائف الإشارات ” للعلامة القسطلاني ا هـ . ([2])

 

2 ـ قد وصاني بهما شيخي فضيلة الشيخ عبد الرافع رضوان علي الشرقاوي ([3]) , وذلك لما عرضت على فضيلته هذه الفكرة بالحرم النبوي الشريف , وكنت قد بدأت بوضعها على هامش مصحف الأزهر الشريف, ثم وضعتها بهامش مصحف المدينة المنورة .

3 ـ أن هذا المتن وشرحه مقرران على طلاب القراءات بمعاهد القراءات بالأزهر الشريف, وكذلك على طلاب القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة , كما أنهما مقرران على طلاب قسم القراءات في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة .

 

أما عن منهجي في هذا الكتاب فهو كما يلي :

1- ذكرت بعد المقدمة تمهيداً, ثم تعريفاً بعلم الفواصل, وكذلك طرق معرفة الفاصلة, وفوائد معرفة الفواصل, كما ذكرت تعريفاً بعلماء العدد, ومجمل عدد الآي عندهم, كما وضعت جدولاً يبين علماء العدد ورموزهم منفردين ومجتمعين .

لم يقع خلاف في الرواية الواحدة إلا عند المدني الأول, بين شيبة بن نِصَاح وأبي جعفر يزيد ابن القعقاع في ستة مواضع سيأتي ذكرها في مواضعها.

قال أبو عمرو الداني : وقد اختلف أبو جعفر وشيبة في ست آيات عدَّ منهن أبو جعفر آية ولم يعدها شيبة, وعدَّ شيبة منهن خمساً ولم يعدهن أبو جعفر وكان إسماعيل يأخذ فيهن بقول شيبة. اهـ ([4]) .

2- ذكرت عدد آيات كل سورة عند علماء العدد, كما ذكرت عدد مواضع الخلاف مجملاً إن كان فيها خلاف , وإن لم يكن فيها خلاف وضَّحت ذلك .

3- اكتفيت بذكر الآية المختلف في عدها بنسخها من مصحف المدينة المنورة الموافق للرسم العثماني, ووضعت خطاً تحت الكلمة المختلف فيها عند علماء العدد.

5- ذكرت علماء العدد بأسمائهم فأقول مثلاً : عده المكي, أو لم يعده الشامي, وقد أذكرهم أحياناً منفردين أو مجتمعين حسب ما هو في الجدول, فإذا قلت عده المدني فالمراد به المدنيين: المدني الأول, والمدني الأخير, وإذا قلت عده “الحجازي” فالمراد به المدنيين والمكي, وإذا أطلقت لفظ “الشامي” فالمراد الدمشقي والحمصي, وإذا قلت “العراقي” فالمراد البصري والكوفي, وإذا قلت: ” عدَّه الكوفي ” فيكون المراد أنَّ غيره لا يعده , وإذا قلت: ” لم يعده البصري ” كان المراد أن غيره يعده ([5]) , وهكذا .

6 ـ ذكرت توجيه عدِّ الآية المختلف فيها, وكذلك توجيه عدم عدِّها, واعتمدت في ذلك على كتاب شرح المخللاتي لأبي عيد, وكتاب إعراب القرآن وبيانه للشيخ محي الدين درويش, وكتاب إعراب القرآن الكريم للدكتور محمد الطيب الإبراهيم, وتفسير ابن كثير .

7 ـ بعد ذكري للكلمة المختلف في عدها وبيان من يعدها ومن يتركها, وضعت الدليل عليها من متني ناظمة الزهر والفرائد الحسان, وجعلت خطاً تحت الشاهد والمراد من البيت, عدا العدد الحمصي فمن متن الفرائد الحسان فقط, فأقول عند ذكر الدليل: قال الشاطبي أو قال القاضي, وذلك توثيقاً لهذا العلم, وتيسيراً على طلبة علم القراءات .

8 ـ قمت بكتابة وضبط متني ” ناظمة الزهر” و “الفرائد الحسان” وفق ما تلقيته ودرسته على شيوخي في معهد القراءات بالقاهرة, ومقابلته مع ما حققه فضيلة الشيخ علي محمد الضباع على هذين المتنين في كتابه ” إتحاف البررة بالمتون العشرة ” (مطبعة الحلبي). وقد اكتفيت بإفراد متن الفرائد الحسان مستقلاً آخر الكتاب لمن أراد قراءته وحفظه.

وقد سميته: ” أوضح البيان في عدِّ آي القرآن مع الأدلة من ناظمة الزهر والفرائد الحسان” ولست مدعياً الكمال فيه. فهذا العمل جهد بشري لا يخلو من النقص, فالكمال لله وحده, فمن وجد عيباً فليبصرني إليه وجزاه الله خيراً.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا لكل خير وأن يجنبنا الزلل, وأن يرزقنا الإخلاص في كل قول وفعل وعمل, وأن يجعل هذا العمل موضع رضاه, فهذا مع تقصيرنا وعجزنا ما أعددناه, فمنه التوفيق والهداية, لكل علم تعلمناه رواية أو دراية, كما أساله سبحانه أن يكتب له القبول, ويجعله من بين علوم القرآن من الأصول, وأن ينفع به طلاب علم القراءات, وأن يرزقني دعوة صالحة من كل من قرأ فيه وسَهُلَ عليه عدُّ الآيات, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .

 

 

كتبه

د. نادي بن حداد القط

[1] ـ  الإمام الداني رحمه الله ذكر العدد الحمصي مجملاً في كتابه البيان , فقال بعد ما ذكر عدد أهل الشام : ولأهل حمص عدد سابع كانوا يعدون به قديماً وافقوا في بعضه أهل دمشق وخالفوهم في بعضه وأوقفته جماعتهم على خالد بن معدان رحمه الله وهو من كبار تابعي الشاميين ا هـ البيان: ص 70 , ثم بيَّن بعد ذلك ما انفردوا بعده وما انفردوا بإسقاطه مجملاً . فقال: باب ذكر ما انفرد بعده أهل حمص : وانفرد الحمصيون دون سائر أهل العدد بعد ست عشرة آية أولاهن في التوبة, البيان : ص 97 . ثم قال: باب ما انفردوا بإسقاطه : وانفردوا دون أهل العدد بإسقاط أربع عشرة آية أولاهن في النور, البيان : ص 98 . ينظر في نفائس البيان تحقيق د / عبد الله  علي الميموني ص 18 .

 

[2] ـ انظر كتاب نفائس البيان شرح الفرائد الحسان صـ 4.

[3] ـ هو الشيخ عبد الرافع رضوان, عضو اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة المنورة , وعضو لجنة الإشراف على التسجيلات القرآنية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.

[4]  ـ  البيان لأبي عمرو الداني ص 68 .

[5] ـ اتبعت في ذلك الشيخ عبد الفتاح القاضي في منظومته الفرائد الحسان , وشرحه نفائس البيان صـ 8 .