باب حذف الياء وثبوتها

166 وتَعرِفُ الياءَ في حال الثُبوتِ إذا

 

  حصَّلتَ محذوفَهَا فخُذهُ مُبْتَكَرَا

 

 

المقصود بالياء هنا ياءات الزوائد,  فمنها ما هو ثابت في الرسم, ومنها ما هو محذوف, فأخبر أنه يذكر في هذا الباب ما حذف من الياءات, فإذا جمعت المحذوفات علمت أن ما سواها ثابت في الرسم. قوله فخذه مبتكرا: أي سارع بمعرفة الثابت والمحذوف من الياءات. يقال: ابتكر وبكَّر وأبكر وباكر بمعنى واحد.

 

167 حيثُ ارهَبُونِ اتقونِ تكفرُونِ أطيـ

 

  عُونِ اسمَعونِ وخافونِ اعبُدونِ طَرَا

 

 

ذكر في هذا البيت سبع كلمات, الحذف فيها في جميع القرآن حيثما وجدت:

الأولى: ارهبون, وقع في موضعين:

قوله تعالى: (وَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ)[البقرة: ٤٠ ].  (فَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ)[النحل: ٥١ ].

الثانية: اتقون, وقع في خمسة مواضع:

قوله تعالى: (وَإِيَّٰىَ فَٱتَّقُونِ )[البقرة: ٤١ ]. (وَٱتَّقُونِ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ)[البقرة: ١٩٧].

(لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ)[النحل: ٢ ].  (وَأَنَا۠ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ)[المؤمنون: ٥٢ ]. (يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ) [الزمر: ١٦ ].

الثالثة: تكفرون, في البقرة خاصة, قوله تعالى: (فَٱذْكُرُونِىٓ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِى وَلَا تَكْفُرُونِ)[البقرة: ١٥٢ ].

الرابعة: وأطيعون, في أحد عشر موضعاً:

قوله تعالى: (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ)[آل عمران: ٥٠ ]. ونظائرها في الشعراء ثمانية مواضع.

(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ) [الزخرف: ٦٣  ] . (أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ)[نوح: ٣].

الخامسة: فاسمعون, في سورة يــس خاصة:

قوله تعالى: (إِنِّىٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ)[يس: ٢٥].

السادسة: وخافون, في سورة آل عمران لا غير:

قوله تعالى: (وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[آل عمران: ١٧٥ ].

السابعة: فاعبدون, في ثلاثة مواضع:

قوله تعالى : (لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدُونِ)[الأنبياء: ٢٥ ]. (وَأَنَا۠ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ) [الأنبياء: ٩٢ ]. (إِنَّ أَرْضِى وَٰسِعَةٌ فَإِيَّٰىَ فَٱعْبُدُونِ)[العنكبوت: ٥٦ ].

ولفظ البيت على حذف الياءات, ثم استثنى من لفظ (اعبدون) فقال:

 

168 إلاَّ بياسينَ والدَّاعِى دعانِ وكِيـ

 

  دُونى سِوَى هُودَ تُخْزُونِي وَعيدِ عَرَا

 

 

أي إلا موضع سورة يـس من لفظ (اعبدون) فإنه بإثبات الياء, وهو قوله تعالى: (وَأَنِ ٱعْبُدُونِى ۚ هَٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ)[يس: ٦١].

وذكر في البيت خمس كلمات محذوفة الياء فيها وفي نظائرها وهي:

الأولى: الداعي, وقع في القرآن في ثلاثة مواضع:

قوله تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ)[البقرة: ١٨٦]. (يَوْمَ يَدْعُ ٱلدَّاعِ)[القمر: ٦ ]. (مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ ۖ)[القمر: ٨ ].

 

الثانية: دعان, في البقرة خاصة:

قوله تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ)[البقرة: ١٨٦ ].

الثالثة: كيدون, وقع في القرآن في ثلاثة مواضع, موضعين بالحذف وهما:

قوله تعالى: (كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ)[الأعراف: ١٩٥ ]. (فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ)[المرسلات: ٣٩ ].

وموضع بالإثبات وهو: (فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)[هود: ٥٥ ]. لقوله وكيدوني سوى هود.

الرابعة: تخزون, وقع في موضعين:

قوله تعالى: (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِ)[هود: ٧٨]. (وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ)[الحجر: ٦٩ ].

الخامسة: وعيد, في ثلاثة مواضع:

قوله تعالى: (ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ)[إبراهيم: ١٤]. (كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)[ق: ١٤]. (فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ)[ق: ٤٥].

قوله عرا: أي عرا الحذف ذلك أصابه, ولفظ البيت على إثبات الياء في الداع وكيدوني وتخزوني, وحذفها في الباقيات.

 

169 وَاخشَوْنِ لاَ أوَّلاً تُكلِّمونِ يُكَذْ

 

  ذِبُونِ أُولَى دُعائي يَقْتُلُونِ مَرَا

 

 

ذكر في هذا البيت خمس كلمات حذفت منها الياء في الرسم في كل المصاحف وهي:

الأولى: اخشون, وقع في ثلاثة مواضع, اثنان بالحذف وهما:

قوله تعالى: (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ۚ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)[المائدة: ٣ ]. (فَلَا تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُواْ بِـَٔايَٰتِى ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ)[المائدة: ٤٤ ]. وموضع بالإثبات وهو: (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِى وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِى عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[البقرة: ١٥٠ ]. وهو المراد من قوله: واخشون لا أولاً.

الثانية: تكلمون, وهي في المؤمنين خاصة:

قوله تعالى: (قَالَ ٱخْسَـُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)[المؤمنون: ١٠٨].

الثالثة: يكذبون, وقع في موضعين:

قوله تعالى: (إِنِّىٓ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ)[الشعراء: ١٢]. و[القصص: ٣٤].

الرابعة: دعائي, في موضعين, الأول منهما بالحذف هو:

قوله تعالى: (رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ)[إبراهيم: ٤٠]. وهو المراد من قوله: أولى دعائي, أي الموضع الأول.

والثاني بالإثبات في قوله تعالى: (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآءِىٓ إِلَّا فِرَارًا)[نوح: ٦]. وهي من ياءات الإضافة بخلاف التي في إبراهيم.

 

الخامسة: يقتلون, في موضعين هما:

قوله تعالى: (فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ)[الشعراء: ١٤]. و[القصص: ٣٣].

قوله مَرَا: أي استخرج, يقال: مَرا فلان الفرس إذا استخرج ما عنده من الجري, والمعنى: أن ناقل ذلك تتبعه واستخرجه, ولفظ البيت على إثبات ياء دُعائي وحذف البواقي.

 

170 وقد هدانِ وفى نذيري معَ نُذُرِى

 

  تَسَلْنِ في هودَ معْ يأْتِى بها وقَرَا

 

 

يريد قوله تعالى: (قَالَ أَتُحَٰٓجُّوٓنِّى فِى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَىٰنِ ۚ)[الأنعام: ٨٠]. رسم حذف الياء, وقيدها بقد احترازاً من قوله: (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِى)[الزمر: ٥٧ ]. فإنه بإثبات الياء.

قوله وفي نذيري: أي الحذف فيها مع نذري, والأول بسورة الملك وهو قوله تعالى: (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)[الملك: ١٧ ]. وأما نذر ففي ستة مواضع كلها بالقمر في قوله تعالى (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ)  , (فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ).

 

قوله تسلن في هود: يريد قوله تعالى: (فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۖ)[هود: ٤٦]. وقيدها بهود احترازاً من موضع الكهف (فَلَا تَسْـَٔلْنِى عَن شَىْءٍ)[الكهف: ٧٠ ]. فإنه بالياء.

قوله مع يأتي بها: أي بهود, يريد قوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِۦ ۚ)[هود: ١٠٥ ]. وقيدها بضمير هود احترازاً من التي بالبقرة (فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ)[البقرة: ٢٥٨ ]. فإن الياء ثابتة في الرسم, وقوله وقرا: أي ثبت الحذف.

 

171 وتَشهدونِ ارجِعُونِ إِن يُرِدْنِ نَكيـ
ج
  ـرِ يُنْقِذُونِ مَآبِ معْ متَابِ ذُرَى

 

 

أي حذفت الياء من الكلمات المذكورة في البيت وهي في قوله تعالى: (مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ)[النمل: ٣٢ ]. وقوله: (قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ)[المؤمنون: ٩٩ ]. وقوله: (إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَٰنُ)[يس: ٢٣ ]. وأما (نكير) ففي أربعة مواضع: قوله تعالى: (فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)[الحج: ٤٤ ]. و[سبأ: ٤٥   ]. و[فاطر: ٢٦ ]. و[الملك: ١٨ ].

وقوله تعالى: (لَّا تُغْنِ عَنِّى شَفَٰعَتُهُمْ شَيْـًٔا وَلَا يُنقِذُونِ)[يس: ٢٣ ]. وقوله تعالى: (إِلَيْهِ أَدْعُواْ وَإِلَيْهِ مَـَٔابِ)[الرعد: ٣٦ ]. وقوله تعالى: (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ)[الرعد: ٣٠ ]. وقوله ذُرَى: جمع ذروة, وذروة الشئ أعلاه, جعلها ذروة لشهرتها, ولفظ البيت على حذف الياءات.

 

172 عقابِ تُرْدينِ تُؤْتُونِي تُعلِّمَنىِ

 

  والبادِ إنْ تَرَنىِ وكالجَوابِ جَرَى

 

 

يريد أن الياء حذفت من الكلمات المذكورة في البيت وهي (عقاب) وردت في ثلاثة مواضع:

قوله تعالى : (فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ)  [الرعد: ٣٢ ]. و[غافر: ٥ ]. وقوله: (فَحَقَّ عِقَابِ)[ص: ١٤]. و(تردين) في قوله تعالى: (قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ)[الصافات: ٥٦]. و(تؤتون) في قوله: (حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ ٱللَّهِ)[يوسف: ٦٦]. و(تعلمن) في قوله: (أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)[الكهف: ٦٦ ]. و(الباد) في قوله: (ٱلْعَٰكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ ۚ)[الحج: ٢٥ ]. و(ترن)   في قوله: (إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا)[الكهف: ٣٩]. و(الجواب) في قوله:  (وَجِفَانٍۢ كَٱلْجَوَابِ)[سبأ: ١٣]. وقوله جرى: أي جرى الحذف فيها , ولفظ البيت على إثبات تؤتوني, وحذف البواقي.

 

173 فى الكهف يهديَنى نبغى وفوقُ بِها

 

  أخَّرْتَنِ المهْتَدِى قُل فيهِما زَهَرَا

 

 

أي مما رسم بحذف الياء قوله تعالى: (وَقُلْ عَسَىٰٓ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا)[الكهف: ٢٤]. وقيدها بالكهف احترازاً من قوله: (قَالَ عَسَىٰ رَبِّىٓ أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ) [القصص: ٢٢]. فإنها بإثبات الياء, ومما حذفت منه الياء قوله: (قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ)[الكهف: ٦٤]. وقيدها بالكهف احترازاً من قوله: (قَالُواْ يَٰٓأَبَانَا مَا نَبْغِى ۖ)[يوسف: ٦٥]. فإنها بالياء, وقول الناظم وفوق بها أخرتن: يريد الإسراء لأنها فوق الكهف, أي قوله تعالى: (قَالَ أَرَءَيْتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ)[الإسراء: ٦٢ ]. واحترز بها من قوله: (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَآ أَخَّرْتَنِىٓ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ قَرِيبٍۢ)[المنافقون: ١٠ ]. فإن الياء ثابتة فيها, قوله المهتد قل فيهما: أي في الإسراء والكهف, يريد قوله تعالى: (وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ ۖ)[الإسراء: ٩٧ ]. وقوله: (مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ ۖ)[الكهف: ١٧].

 

وقيد المهتد بهما, أي بالسورتين, احترازاً من قوله: (مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِى ۖ)[الأعراف: ١٧٨]. فإن الياء ثابتة, وقوله زهرا: أي أضاء, يقال: زهرت النار, أي أضاءت, ولفظ البيت على حذف أخرتني, وإثبات البواقي.

 

174 يهدينِ يسقينِ يشفيِن ويُؤْتِيَنىِ

 

  يُحييِن يستعجلُونى غابَ أو حَضَرا

 

 

أي ومما حذفت منه الياء كلمات (يَهْدِينِ –  يَسْقِينِ – يَشْفِينِ – يُحْيِينِ )  في قوله تعالى: (ٱلَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ *  وَٱلَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَ يَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَٱلَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ *)[الشعراء: ٧٨ – ٨١]. وقوله تعالى: (فَعَسَىٰ رَبِّىٓ أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا)[الكهف: ٤٠]. وقوله: (سَأُوْرِيكُمْ ءَايَٰتِى فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ)[الأنبياء: ٣٧]. بالخطاب, وقوله: (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَٰبِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ)[الذاريات: ٥٩]. بالغيبة, وهذا معنى قوله: يستعجلون غاب أو حضرا, والبيت على إثبات يشفين ويستعجلون, وحذف البواقي.

 

175 تُفنِّدونِ ونُنَجِّ المؤمنيَنَ وها

 

  دِ الحجِّ والرُّومِ وَادِ الوادِ طِبْنَ ثَرَا

 

 

أي حذفت الياء من قوله تعالى: (لَوْلَآ أَن تُفَنِّدُونِ)[يوسف: ٩٤ ]. قوله وننج المؤمنين: يريد قوله تعالى: (كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ)[يونس: ١٠٣]. وقيده بنونين احترازاً من موضع الأنبياء فإنه مرسوم بنون واحدة وهو قوله: (وَكَذَٰلِكَ نُۨجِى ٱلْمُؤْمِنِينَ)[الأنبياء: ٨٨]. فالياء ثابتة فيها.

 

وقيده كذلك بلفظ المؤمنين احترازاً من قوله: (ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ۚ)[يونس: ١٠٣].  وقوله: (ثُمَّ نُنَجِّى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ)[مريم: ٧٢ ]. فإنهما بإثبات الياء, وقوله وهاد الحج والروم: يريد قوله تعالى: (وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ)[الحج: ٥٤ ]. وقوله: (وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِى ٱلْعُمْىِ عَن ضَلَٰلَتِهِمْ ۖ)[الروم: ٥٣ ]. بحذف الياء.

وقيدهما بالسورتين احترازاً من قوله: (وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِى ٱلْعُمْىِ عَن ضَلَٰلَتِهِمْ ۖ)[النمل: ٨١ ]. فالياء ثابتة فيها, وقوله واد الواد: أما (واد) ففي قوله: (حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوْاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ)[النمل: ١٨]. وأما (الواد) ففي أربعة مواضع: قوله: (إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى)[طه: ١٢]. وقوله: (نُودِىَ مِن شَٰطِئِ ٱلْوَادِ ٱلْأَيْمَنِ)[القصص: ٣٠ ]. وقوله: (إِذْ نَادَىٰهُ رَبُّهُۥ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى)[النازعات: ١٦ ]. وقوله: (وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ)[الفجر: ٩ ]. قوله طبن ثرا: أي الواد المقدس طاب ثراه, والبيت على حذف الياءات.

 

176 أشركتُمونى الجوارى كذَّبونِ فَأَرْ

 

  سِلُونِ صالِ فما تُغْنى يلى القَمَرَا

 

 

أي مما حذفت منه الياء لفظ (أَشْرَكْتُمُونِ) في قوله تعالى: (بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ)[إبراهيم: ٢٢]. وأما لفظ (الجوار) ففي ثلاثة مواضع, في قوله تعالى: (وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلْجَوَارِ فِى ٱلْبَحْرِ كَٱلْأَعْلَٰمِ)[الشورى: ٣٢ ]. وقوله: (وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَـَٔاتُ فِى ٱلْبَحْرِ كَٱلْأَعْلَٰمِ)[الرحمن: ٢٤ ]. وقوله: (ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ)[التكوير: ١٦].

وأما لفظ (كذبون) ففي قوله: (قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِى بِمَا كَذَّبُونِ)[المؤمنون: ٢٦ , ٣٩ ]. وقوله: (قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِى كَذَّبُونِ)[الشعراء: ١١٧]. وقوله: (أَنَا۠ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِۦ فَأَرْسِلُونِ)[يوسف: ٤٥ ]. وقوله: (إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ)[الصافات: ١٦٣]. قوله فما تغني: يريد قوله: (حِكْمَةٌۢ بَٰلِغَةٌ ۖ فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ)[القمر: ٥]. وقيده بـ (فما) وبسورتها احترازاً من قوله: (وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ)[يونس: ١٠١]. فإنها بإثبات الياء.

 

قال أبو عمرو الداني في المقنع: وكل ياء سقطت من اللفظ لساكن لقيها فهي ثابتة في الخط نحو : (يُؤْتِى ٱلْحِكْمَةَ – وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ – أَنِّىٓ أُوفِى ٱلْكَيْلَ – أَنَّا نَأْتِى ٱلْأَرْضَ  –  إِلَّآ ءَاتِى ٱلرَّحْمَٰنِ) , وما كان مثله إلا خمسة عشر حرفاً, فإن كتاب المصاحف أجمعوا على حذف الياء منه. اهـ كلامه.

 

177 أهاننى سوف يؤت الله أكْرمنى

 

  أن يحضرونِ ويقض الحقَّ إذْ سَبَرَا

 

 

أي وحذفت الياء من قوله تعالى : (فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَكْرَمَنِ – فَيَقُولُ رَبِّىٓ أَهَٰنَنِ)[الفجر: ١٥ – ١٦  ].

وقوله: (وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)[النساء: ١٤٦]. وأما قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ)[المائدة: ٥٤].

 

فقال أبو عمرو الداني في المقنع: وفي المائدة (فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ)اجتمعت المصاحف على رسم الياء فيها. ا هـ كلامه.

 

وحذفت الياء من قوله: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ)[المؤمنون: ٩٨]. وقوله: (إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ)[الأنعام: ٥٧]. والبيت على إثبات أهانني وأكرمني, وحذف البواقي, وقوله إذ سبرا: أي أخبر وعلم, يقال سبر الجُرْح نظر ما غوره , وسبر الجرح بالمسبار والسبار : قاس مقدار قعره بالحديدة أو بغيرها . ([1])

 

178 يسرى ينادى المنادى تفضحون وَتَرْ

 

  جُمُونِ تتبعنْ فاعتزِلُونِ سَرَى

 

 

أي ومما حذفت منه الياء قوله تعالى: (وَٱلَّيْلِ إِذَا يَسْرِ)[الفجر: ٤]. وقوله ينادي المنادي: يريد قوله تعالى: (وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍۢ قَرِيبٍۢ)[ق: ٤١]. وحذفت من قوله: (قَالَ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ ضَيْفِى فَلَا تَفْضَحُونِ)[الحجر: ٦٨]. وقوله: (وَإِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ)[الدخان: ٢٠]. وقوله: (أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى)[طه: ٩٣]. وقوله: (وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَٱعْتَزِلُونِ)[الدخان: ٢١]. والبيت على إثبات ياء يسري, والوزن على إسكان نون تتبعن وعلى حذف البواقي, وقوله سرى: أي سرى الحذف.

 

179 دين تُمِدونَن لِيعبُدونِ ويُطْـ

 

  عمونِ والمتعال فاعلُ مُعتمِرَا

 

 

أي وحذفت الياء من قوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ)[الكافرون: ٦]. وكان ينبغي أن يقيده لئلا يلتبس بقوله: (قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى شَكٍّۢ مِّن دِينِى)[يونس: ١٠٤ ]. و (قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُۥ دِينِى)[الزمر: ١٤]. فإنهما بالياء إجماعاً, وحذفت الياء من قوله: (قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍۢ)النمل: ٣٦, وقوله: (وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)الذاريات: ٥٦, وقوله: (وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ)الذاريات: ٥٧, وقوله: (ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ)الرعد: ٩ , والبيت علي إثبات ياء ديني والمتعال, وقوله فاعل معتمرا: أي فاعل مَزُورَا, والاعتمار: الزيارة لأن العالم يُزار ليُؤخذ عنه العلم.

 

180 وخصَّ فى آلِ عمرانٍ من اتبعنْ

 

  وخُصَّ فى اتبعونى غيرَها سُوَرَا
ج

 

أي خص بالحذف الياء من قوله تعالى: (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِىَ لِلَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ ۗ)[آل عمران: ٢٠ ]. وقيدها بسورة آل عمران احترازاً من التي في قوله: (عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ)[يوسف: ١٠٨ ]. فإن الياء ثابتة.

 

قوله وخص في اتبعوني غيرها سورا: أي غير آل عمران, أي خص بحذف الياء لفظ (اتبعون) غير المصاحب للفاء وهو في قوله: (يَٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ)[غافر: ٣٨ ]. و (وَٱتَّبِعُونِ ۚ هَٰذَا صِرَٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [الزخرف: ٦١ ]. أما المصاحب للفاء, فإن الياء ثابتة فيه في جميع القرآن, وهو في قوله: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ)[آل عمران: ٣١ ]. و (وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَٰنُ فَٱتَّبِعُونِى وَأَطِيعُوٓاْ أَمْرِى) [طه: ٩٠ ]. والبيت علي إثبات اتبعوني, والناظم صرف عمران للضرو

[1] كتاب أساس البلاغة ج 1 ص 407

 

 

181 بشِّر عباد التلاق والتناد وتقـ
ججج
  ـرَبونِ معْ تُنظرُونى غُصنُها نَضِرَا

 

أي ومما حذفت منه الياء قوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبَادِ  ﴿١٧﴾ ٱلَّذِينَ) [الزمر: ١٧ – ١٨ ]. وقوله: (لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلَاقِ)[غافر: ١٥ ]. وقوله: (يَوْمَ ٱلتَّنَادِ)[غافر: ٣٢ ]. (فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِندِى وَلَا تَقْرَبُونِ)[يوسف: ٦٠ ]. وأما (تنظرون) ففي ثلاثة مواضع, قوله: (ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ) [الأعراف: ١٩٥ ]. وقوله: (ٱقْضُوٓاْ إِلَىَّ وَلَا تُنظِرُونِ)يونس: ٧١ ]. وقوله: (فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ)[هود: ٥٥].

قوله غصنها نضرا: أي صار له حسن ورونق يقال: نضر وجهه ينضر, إذا صار ذا بهاء ورونق, واللفظ على إثبات ياء التلاقي.

 

182 فى النمل آتانِى فى صادٍ عذاب وما

  لأجل تنويْنِهِ كهادٍ اختُصِرَا

 

أي وحذفت الياء من قوله: (فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم)[النمل: ٣٦ ]. وقوله: (بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ)[ص: ٨ ]. وقيد (آتاني) بالنمل احترازاً من قوله: (ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ)[مريم: ٣٠]. فإنها بإثبات الياء, وقيد (عذاب) بصاد احترازاً من غيرها, قوله وما لأجل تنوينه: أي كل ياء حذفت من اللفظ لأجل تنوين حذفت في الرسم, كقوله تعالى: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ)[الرعد: ٧].

 

قال أبو عمرو الداني: كل اسم مخفوض أو مرفوع آخره ياء ولحقه التنوين, فإن المصاحف اجتمعت على حذف تلك الياء بناءً على حذفها من اللفظ في حال الوصل لسكونها وسكون التنوين, وذلك في نحو: (بَاغٍۢ  – وَلَا عَادٍۢ – مِن هَادٍ – مِن وَالٍ –  مِن وَاقٍۢ – بَاقٍ – غَوَاشٍۢ ۚ  – زَانٍ – دَانٍ)ا هـ كلامه.

قوله اختصرا: أي اختصر ياؤه, والبيت على حذف الياء في الكل.

 

183 وفى المنادى سوى تنْزِيلِ آخرِهَا

  والعنكبوتِ وخُلفُ الزخرُفِ انتَقَرَا
ج

 

أخبر أن كل اسم منادى أضافه المتكلم إلى نفسه فالياء منه محذوفة نحو : (يَٰقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ), (وَإِيَّٰىَ فَٱتَّقُونِ), (قُلْ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ), (يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ), إلا حرفين أثبتوا فيهما الياء, قوله تعالى: (يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ أَرْضِى وَٰسِعَةٌ)[العنكبوت: ٥٦]. وقوله: (قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ)[الزمر: ٥٣].

 

فهذا معنى قوله: سوى تنزيل آخرها والعنكبوت, أي الموضع الأخير من سورة الزمر وموضع العنكبوت, واحترز بقوله تنزيل آخرها عن الواقع قبله من السورة وهو قوله تعالى: (قُلْ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ) [الزمر: ١٠]. و (يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ) [الزمر: ١٦]. فإنهما بالحذف.

 

قوله وخلف الزخرف: أي اختلفت المصاحف في رسم قوله تعالى: (يَٰعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ)[الزخرف: ٦٨]. ففي مصاحف المدينة بياء, وفي مصاحف العراق بغير ياء, قوله انتقرا: أي خص الخلف بعض المصاحف دون بعض, والانتقار: أن يدعو الرجل قوماً دون قوم, وأصله من نقر الطائر الحب, أي التقطه من مكان دون مكان.

 

 

184 إلاَفِهِم واحذِفُوا إحداهما كوَرَءْ

  ياً خـــاطئين والأُمِّـيِّيْنَ مُقْتَفِرَا

 

أي حذفت الياء من قوله تعالى: (إِۦلَٰفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ)[قريش: ٢]. أما قوله: (لِإِيلَٰفِ قُرَيْشٍ)[قريش: ١]. فإن الياء ثابتة فيها لعدم النص عليها, وقد ذكر الناظم حذف الألف من الحرفين في باب الحذف في كلمات تحمل عليها أشباهها, قوله واحذفوا إحداهما كورئيا: يقول: إنه إذا اجتمع ياءان في كلمة وكانت إحداهما صورة الهمزة نحو: (أَثَٰثًا وَرِءْيًا)[مريم: ٧٤]. حذفت الياء التي هي صورة الهمزة لئلا يجمع بين الصورتين في الخط.

 

واعلم أن الياء التي هي صورة الهمزة على قسمين: أحذهما يختص بموضع واحد وهو: (أَثَٰثًا وَرِءْيًا) [مريم: ٧٤]. خاصة, واما القسم الثاني فهو في كل ما كان تصويرها يؤدي إلى الجمع بين ياءين نحو: (خَٰطِـِٔينَ – وَٱلْأُمِّيِّنَ – خَٰسِـِٔينَ –  مُّتَّكِـِٔينَ  – ٱلْمُسْتَهْزِءِينَ)ا هـ .

 

وما كان مثله كتب بياء واحدة وحذفت التي هي صورة الهمزة, وكانت بالحذف أولى, لأن الثانية علامة الإعراب وعلامة الجمع إلى غير ذلك من المعاني التي هي دالة عليها. قوله مقتفرا: أي متتبعاً ذلك أينما وقع في القرآن.

 

185 مَنْ حَىَّ يُحْيِى ويَستحْىِ كذاك سِوَى
ج
  هيِّئْ يُهيِّئ وعَلِّيِّيَن مُقْتَصَــرَا

 

أي مما رسم كذلك بياء واحدة هذه الألفاظ الثلاثة, والمراد بها قوله تعالى: (مَنْ حَىَّ عَنۢ بَيِّنَةٍۢ ۗ) [ الأنفال: ٤٢ ]. ولفظ: (يُحـْۦِىَ)كيف ورد نحو: (كَذَٰلِكَ يُحْىِ ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ)[ البقرة: ٧٣ ] , (عَلَىٰٓ أَن يُحـْۦِىَ ٱلْمَوْتَىٰ ۚ)[ الأحقاف: ٣٣ ] , وقوله: (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسْتَحْىِۦٓ أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ)[ البقرة: ٢٦ ].

قال أبو عمرو الداني: والثانية الساكنة منهما هي المحذوفة, وهو أصل مطرد لا يخرج عن ذلك سوى قوله تعالى: (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)[ الكهف: ١٠ ]. (وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)[ الكهف: ١٦ ]. (كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلْأَبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ)[ المطففين: ١٨]. فإن جميع ذلك كتب بياءين على الأصل, وقوله مُقْتَصَرَا: أي رسمه بياءين.

 

186 وذي الضميرِ كيُحييكم وسيئةٍ

  فى الفرد معْ سيئاً والسَّيِّئِ اقتُصِرَا

 

قوله وذي الضمير: معطوف على سوى هيئ في البيت الذي قبله, فهو من جملة المستثنى المكتوب بياءين على الأصل يقول: إذا اتصل من ذلك بضمير فهو مكتوب بياءين نحو: (يُحْيِيكُمْ – يُحْيِيهَا – سَيِّئَةٌ – حُيِّيتُم) .

 

قال أبو عمرو الداني: وجدت في مصاحف أهل العراق وغيرها (سَيِّئَةٌ و السَيِّئَةَ و ٱلسَّيِّء)حيث وقعا, و(ءَاخَرَ سَيِّئًا)بياءين, واحترز بقوله في الفرد عن الجمع فإن هذه اللفظ في حال الجمع كتب بياء واحدة نحو: (ٱلسَّيِّـَٔاتِ – سَيِّـَٔاتُ)

قال أبو عمرو الداني: والثانية في السيئة هي المشددة, يعني أن المحذوفة هي الثانية التي هي صورة الهمزة.

 

187 هيأ يهيأ مع السَّـيِّـأْ بها ألِفٌ
ج
  معْ يائها رَسَمَ الغازى وقد نُكِرَا

 

قال السخاوي: قال أبو عمرو في قوله تعالى : (وَهَيِّئْ لَنَا  – وَيُهَيِّئْ لَكُم –  وَمَكْرَ ٱلسَّيِّئِ ۚ  – ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّئُ), رأيت هذه المواضع في كتاب هجاء السنة بألف بعد الياء, وذلك خلاف الإجماع, فهذا معنى قوله: وقد نكرا.

 

قال السخاوي: قلت : قول أبي عمرو هذا لم يَقُلْه عن يقين, ولكنه صدر عن غلبة ظن وعدم اطلاع, وقد رأيت هذه المواضع في المصحف الشامي كما ذكرهالغازي بن قيس رحمه الله ( هيأ ــ يهيأ ــ ومكر السيأ ــ والمكر السيأ ) كل ذلك بألف بعد الياء جعلها صورة الهمزة.

 

188 بآيةٍ وبآياتِ العراقُ بِهـا

  ياآنِ عن بعضهم وليس مَشْتَهِرَا

 

أي رسم في بعض المصاحف العراقية ( بآية ــ وبآيات ) الواحد والجمع المجرورين بالباء بياءين بين الألف التاء كيف وقعا نحو: (بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ – قَدْ جِئْنَٰكَ بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكَ ۖ  –  إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّه – وَتَذْكِيرِى بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ), ورسم في أكثرها كباقي المصاحف بياء واحدة, وليس الأول مشهوراً.

 

قال أبو عمرو الداني في المقنع: ورأيت في بعض مصاحف العراق ( بآية ــ وبآيات ) حيث وقع إذا كان بالباء خاصة بياءين. وهذا معنى قوله: ياآن عن بعض مصاحف العراق.

وعلم قيد الباء من لفظه, وقوله وليس مشتهرا: أي وليس قول الياءين مشتهرا, بل المشهور الواحدة.

 

189 والمُنْشِآتُ بها باليا بِلا ألفٍ

  وفى الهجاء عن الغازى كذاك يُرَى

 

أي لفظ ( المنشآت ) من قوله تعالى: (وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَـَٔاتُ فِى ٱلْبَحْرِ كَٱلْأَعْلَٰمِ)[الرحمن: ٢٤ ]. رسم بالياء بلا ألف بين الشين والتاء في مصاحف أهل العراق, فالضمير في بها يعود إلى المصاحف العراقية, قوله وفي الهجاء عن الغازي كذاك يرى: أي كذاك يرى فيما رسمه الغازي بن قيس في كتابه.

 

قال أبو عمرو في المقنع: ووجدت في مصاحف العراق ( المنشآت ) في الرحمن بالياء من غير ألف, وكذلك رسمه الغازي بن قيس في كتابه.