باب حروف من الهمز وقعت في الرسم على غير قياس

200 والهمزُ الاولُ في المرسومِ قُل ألفٌ

 

  سِوَى الَّذي بِمُرادِ الوَصلِ قد سُطِرَا

 

 

أي كل همزة وقعت أول الكلمة سواء كانت الكلمة اسماً أو فعلاً أو حرفاً, وسواء كانت الهمزة همزة قطع أم همزة وصل فإنها رسمت بالألف نحو: (قُلْ إِنِّىٓ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ)  [الأنعام: ١٤]. ونحو: (ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ)[آل عمران: ٤٥]. سوى الهمز الذي رسم على اتصال الكلمة بما قبلها, فصارت مع ما قبلها كالكلمة الواحدة. فتبقى الهمزة إذاً كالمتوسطة. ثم بيَّن ذلك فقال:

 

201 فهؤلاءِ بواوٍ يبْنَــــؤُمَّ بِهِ

 

  ويا ابن أمَّ فَصْلِهُ كلَّهُ سُطِرَا
ج

 

أي كلمة (هَٰٓؤُلَآءِ) رسمت همزتها على واو وإن كان القياس يقتضي أن تصور الهمزة ألفاً, لأن أصلها (ها أُولاء), لكن جعلت كالمتوسطة بدخول ها التنبيه عليها, والأصل في كل همزة مضمومة متوسطة أن ترسم بالواو لن ألفها حذفت والواو صورة الهمزة.

قال أبو عمرو: والواو عندي صورة الهمزة رفع لتوهم أنها زائدة بعد الهمزة كأولئك.

 

وأما (قَالَ يَبْنَؤُمَّ)  [طه: ٩٤]. رسمت الثلاث كلمات كالكلمة الواحدة, فأصلها ( يا ابن أم ), وقيده بحرف النداء احترازاً من قوله تعالى: (قَالَ ٱبْنَ أُمَّ) [الأعراف: ١٥٠]. لخلوه من أداة النداء, فالهمزة فيه مصورة ألفاً كغيرها من المبتدآت بلا خلاف, وقوله كله سطرا: أي كل ذلك كتب في المصاحف.

 

 

202 أئنكم ياءُ ثَاني العنكبوتِ وفى الْ

 

  أنعامِ معْ فُصِّلَتْ والنَّملِ قَدْ زَهَرَا

 

 

أي اتفقت المصاحف على رسم الهمزة المكسورة التي بعد همزة الاستفهام ياء في قوله تعالى : (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ ۚ)  [الأنعام: ١٩ ]. وقوله: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ۚ)[النمل: ٥٥ ]. وقوله: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ)[العنكبوت: ٢٩ ]. وقوله : (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَرْضَ)  [فصلت: ٩ ].

 

واحترز بقوله: ثاني العنكبوت من الأول فيها, وهو قوله تعالى: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَٰحِشَةَ)[العنكبوت: ٢٨ ]. وقوله قد زهرا: أي أضاءت الياء في الرسم وظهر في هذه المواضع.

 

203 وَخُصَّ في أئذا مِتنا إذا وقعت

 

  وقل أئنَّ لنا يُخَصُّ في الشُّعَرَا

 

 

أي خص قوله تعالى : (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا)  [الواقعة: ٤٧ ]. بالرسم بالياء.

قال أبو عمرو: قال محمد: وكتبوا (أَئِذَا) بالياء في الواقعة, ليس في القرآن غيره.

قال محمد عن نصير فيما اجتمعت عليه المصاحف: وكتبوا (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا) [الشعراء: ٤١]. بالياء في الشعراء فقط , وقوله وخص, وتخصيص الشيء بالذكر: انفراده بالحكم عما سواه, وقصر الشعراء للوزن.

 

204 وَفوقَ صادٍ أئنا ثانياً رسموا
ج
  وزِدْ إليه الذي في النمل مُدَّكِرَا

 

 

أي رسموا لفظ (أَئِنَّا) الموضع الثاني من سورة الصافات بإثبات الياء, وهو قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا)  [الصافات: ٣٦]. واحترز بالثاني من الأول فيها وهو قوله: (أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) [الصافات: ١٦]. وقوله وزد إليه الذي في النمل: أي أضف إلى الموضع الثاني من الصافات موضع النمل فإنه بالياء كذلك, وهو قوله تعالى: (أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ)[النمل: ٦٧].

 

205 أئمةً وأئنْ ذُكِّرْتُمُ وأئفـ
ج
  كا بالعراق ولا نصٌّ فَيَحْتَجِرَا

 

 

أي مما رسمت فيه الهمزة ياء هذه المواضع: الأول منها (أَئِمَّةَ) في جميع القرآن وهو في خمسة مواضع: قوله تعالى: (فَقَٰتِلُوٓاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ ۙ) [التوبة: ١٢]. وقوله : (وَجَعَلْنَٰهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) [الأنبياء: ٧٣].

وقوله : (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ)  [القصص: ٥].

وقوله: (وَجَعَلْنَٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ ۖ)  [القصص: ٤١].

وقوله: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ)  [السجدة: ٢٤].

الثاني: قوله تعالى: (أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ)  [يس: ١٩]. رسم بالياء.

الثالث : (أَئِفْكًا ءَالِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ)  [الصافات: ٨٦]. وقوله بالعراق: أي رسمت هذه الألفاظ بالياء في مصاحف أهل العراق, وقوله ولا نص فيحتجرا: إشارة إلى قول أبي عمرو إذ عدمت النص فيه , أي لم أجد في ذلك نقلاً برسم ياء فيمتنع الحذف, ولا حذف فيمتنع الياء.

 

206 ويومَئذْ ولِئلاَّ حينئِذْ ولئِنْ
جج
  ولامَ لِفْ لأهَبْ بدرُ الإمامِ سَرَىٰ

 

 

أي رسمت الهمزة ياءً في هذه الكلمات الأربع في جميع القرآن نحو قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍۢ تُعْرَضُونَ)[الحاقة: ١٨]. (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ)[النساء: ١٦٥] . (وَأَنتُمْ حِينَئِذٍۢ تَنظُرُونَ)  [الواقعة: ٨٤] .

(لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ)[إبراهيم: ٧].

 

قوله ولامَ لِفْ لأهَبْ : أي رسم قوله تعالى: (لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمًا زَكِيًّا)[مريم: ١٩]. بلام وألف في مصحف الإمام كبقية المصاحف, وحذف همزة ألف ونقل حركتها إلى الميم, وقوله بدرُ الإمامِ سَرَى : المراد بالبدر مصحف عثمان رضي الله عنه , أي ضياء رسمه سار إلى بقية المصاحف.

 

207 وفي أُنَبِّئُكُمْ واوٌ ويُحْذَفُ في الرْ

 

  رُءْيَا ورُءْيا ورِءْيا كُلٌّ الصُّوَرَا

 

 

أي اتفقت المصاحف على رسم الهمزة الثانية المضمومة واواً في قوله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍۢ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ)[آل عمران: ١٥ ]. وكذلك اتفقت المصاحف على حذف الواو التي هي صورة الهمزة في باب الرؤيا نحو: (قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّءْيَآ ۚ)[الصافات: ١٠٥ ]. (أَثَٰثًا وَرِءْيًا)  [مريم: ٧٤ ]. (لَا تَقْصُصْ رُءْيَاكَ)[يوسف: ٥ ]. (لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ)[يوسف: ٤٣ ]. قوله كُلٌّ الصُّوَرَا : أي كل مصور في جميع المصاحف.

 

208 والنشأةُ الألفُ المرسومُ همزتُها
ج
  أوْ مــدةٌ وبياءٍ مَوئِلاً نَدَرا

 

 

أي رسم لفظ (ٱلنَّشْأَةَ) بألف بعد الشين حيث وقع في كل المصاحف, وهو في قوله تعالى : (ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِئُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلْأَخِرَةَ ۚ)  [العنكبوت: ٢٠]. (وَأَنَّ عَلَيْهِ ٱلنَّشْأَةَ ٱلْأُخْرَىٰ)[النجم: ٤٧] . (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلْأُولَىٰ)  [الواقعة: ٦٢].

ورسم قوله تعالى 🙁 لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِۦ مَوْئِلًا)[الكهف: ٥٨]. بياء بعد الواو.

قال أبو عمرو: ولا أعلم همزة متوسطة قبلها ساكن رسمت في المصحف إلا في هذه الكلمة. قوله ندرا: يعود إلى لفظ (مَوْئِلًا)يعني أنه نادر.

 

209 وأن تبوَّآ مَعَ السُّوآى تنوأَ بِهَا

  قد صُوِّرتْ ألفا منه القياسُ بَرَى

 

أي أن الهمزة رسمت ألفاً في هذه المواضع باتفاق المصاحف على غير قياس, وهي قوله تعالى: (أَن تَبُوٓأَ بِإِثْمِى)[المائدة: ٢٩]. وقوله: (ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ)[الروم: ١٠]. (لَتَنُوٓأُ بِٱلْعُصْبَةِ)[القصص: ٧٦].

قوله منه القياسُ بَرَى : أي أن القياس منه برئ لأن الهمزة في هذه المواضع قبلها ساكن غير ألف, والقياس في مثل هذه الهمزة ألا ترسم لأن تخفيفها يذهبها بالكلية لأنه يكون بنقل حركتها إلى ما قبلها.

 

210 وصُوِّرَتْ طرَفًا بالواوِ معْ ألفٍ

 

  في الرفع في أحرفٍ وقد علتْ خَطَرَا

 

 

أي أن الهمزة صورت في مواضع بواو بعدها ألف, بشرط أن تكون متطرفة, وتكون مرفوعة, فقوله طرَفًا: احترازاً من كون الهمزة غير طرف, وقوله في الرفع : احترازاً من كونها منصوبة أو مجرورة.

قوله في أحرفٍ وقد علتْ خَطَرَا : أن تلك المواضع ارتفع خطرُها لخروجها عن القياس برسمها, لأن القياس ألا ترسم لأنها متطرفة وقبلها ساكن, ثم شرع يبين تلك المواضع فقال:

 

211 أنبؤُا معْ شُفعـؤُا معْ دُعؤُا بغا
جج
  فرٍ نَشؤُا بهودٍ وحْدَه شُهِرَا

 

 

أي من المواضع التي صورت الهمزة فيها بواو وألف لفظ (أَنۢبَٰٓؤُاْ) في موضعين قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنۢبَٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ)  [الأنعام: ٥ ]. وقوله : (فَسَيَأْتِيهِمْ أَنۢبَٰٓؤُاْ مَا كَانُواْ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ) [الشعراء: ٦ ].

ولفظ (شُفَعَٰٓؤُاْ) في قوله : (وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَٰٓؤُاْ)  [الروم: ١٣].

و (دُعَٰٓؤُاْ) في قوله : (وَمَا دُعَٰٓؤُاْ ٱلْكَٰفِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَٰلٍ)  [غافر: ٥٠].

و (نَشَٰٓؤُاْ ۖ) في قوله: (فِىٓ أَمْوَٰلِنَا مَا نَشَٰٓؤُاْ ۖ)[هود: ٨٧]. وقيد السور احترازاً من غيرها, وصرف هود للوزن, وقوله وحْدَه شُهِرَا : أي شهر هذا الرسم وحده دون غيره في الكلمات المذكورة.

 

212 جزآؤُا حشرٌ وشُورى والعقودُ معاً

 

  في الأَوَّلَيْنِ وَوَالَى خُلفُهُ الزُّمَرَا

 

 

أي مما صورت فيه الهمزة بواو وألف بعدها قوله تعالى: (وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ)[الحشر: ١٧]. وقوله: (وَجَزَٰٓؤُاْ سَيِّئَةٍۢ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ) [الشورى: ٤٠]. وقوله : (وَذَٰلِكَ جَزَٰٓؤُاْ ٱلظَّٰلِمِينَ)  [المائدة: ٢٩]. وقوله: (إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ)[المائدة: ٣٣]. وهذا معنى قوله: والعقود معاً, أي المائدة.

وقوله في الأَوَّلَيْنِ : احترازاً من قوله : (ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ)  [المائدة: ٨٥ ]. وقوله وَوَالَى خُلفُهُ الزُّمَرَا : أي واختلف في موضع الزمر, وهو قوله تعالى: (ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْمُحْسِنِينَ)[الزمر: ٣٤].

 

213 طه عراقٌ ومعْها كَهْفُهَا نبَؤٌا
ج
  سِوَى براءةَ قُلْ والْعُلَمؤُا عُرَى

 

 

أي ومما صورت فيه الهمزة بواو وألف في مصاحف أهل العراق قوله تعالى: (وَذَٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ)[طه: ٧٦]. ومعها قوله: (فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ ۖ)[الكهف: ٨٨].

قوله نبَؤٌا سِوَى براءةَ : أي لفظ (نَبَؤُاْ) إذا كان مرفوعاً فإن الهمزة صورت فيه بواو وألف بعدها في جميع القرآن نحو قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُاْ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)  [إبراهيم: ٩]. وقوله : (وَهَلْ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ)  [ص: ٢١]. سوى موضع براءة, وهو قوله : (أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)  [التوبة: ٧٠]. فإنه بالألف.

وكذلك رسم في مصحف الشام. قوله والْعُلَمؤُا عُرَى : يريد قوله تعالى: ( إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُاْ ۗ) [فاطر: ٢٨]. فإن الهمزة صورت فيه بواو وألف في مصاحف العراق والشام , وعُرَى: جمع عروة.

 

214 ومعْ ثلاثِ الملاَ في النَّملِ أوَّلُ ما

 

  في المؤمنينَ فتمَّتْ أربعاً زُهُرَا

 

 

أي ومما صورت فيه الهمزة بواو وألف بعدها لفظ (ٱلْمَلَؤُاْ) في أربعة مواضع في القرآن, ثلاثة في النمل وهي قوله تعالى: (قَالَتْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَؤُاْ إِنِّىٓ أُلْقِىَ)[النمل: ٢٩ ]. وقوله:  (قَالَتْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَؤُاْ أَفْتُونِى )[النمل: ٣٢ ]. وقوله: (قَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَؤُاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى)[النمل: ٣٨ ]. والرابع: الموضع الأول من المؤمنين وهو قوله : (فَقَالَ ٱلْمَلَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ)  [المؤمنون: ٢٤].

وقوله أوَّلُ ما في المؤمنينَ : احترز به عن الموضع الثاني منها وهو قوله : (وَقَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ)  [المؤمنون: ٣٣]. وقوله زُهُرَا , جمع أزهر: أي مضيئة واضحة.

 

215 وتَفْتَأُ معْ يتفيَّا والبلاءُ وقُل

 

  تظمأُ معْ أتوكَّا يَبْدَا انْتَشَرَا

 

 

أي ومما صورت الهمزة فيها بواو والألف كذلك قوله تعالى: (قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ)[يوسف: ٨٥ ]. وقوله: (يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ)[النحل: ٤٨]. وقوله:  (إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلَٰٓؤُاْ ٱلْمُبِينُ)[الصافات: ١٠٦ ]. وقوله: (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَؤُاْ فِيهَا)[طه: ١١٩ ]. وقوله: (أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيْهَا)[طه: ١٨ ]. ولفظ (يَبْدَؤُاْ)حيث وقع نحو: (ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ) [الروم: ١١ ]. وقوله انْتَشَرَا : أي شاع.

 

216 يدْرأُ معْ علماءُ يعبأُ الضُّعَفَا
ج
  ءُ وقل بلاءٌ مبينٌ بالغاً وَطَرَا
ج

 

أي ومن الألفاظ التي صورت الهمزة فيها بواو وألف قوله تعالى: (وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ)[النور: ٨ ]. وقوله: (عُلَمَٰٓؤُاْ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ)[الشعراء: ١٩٧ ]. وقوله: (قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّى)[الفرقان: ٧٧ ]. ولفظ (ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ) وهو في موضعين قوله: (فَقَالَ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓاْ)[إبراهيم: ٢١]. وقوله: (فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَٰٓؤُاْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوٓاْ)[غافر: ٤٧]. وقوله: (وَءَاتَيْنَٰهُم مِّنَ ٱلْأَيَٰتِ مَا فِيهِ بَلَٰٓؤ ٌاْ مُّبِينٌ )[الدخان: ٣٣]. وقيدها بقوله بلاءٌ مبينٌ : احترازاً من غيرها نحو: (وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)[الأعراف: ١٤١].

ونقلوا في قوله: (عُلَمَٰٓؤُاْ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ) [الشعراء: ١٩٧ ]. وجهاً ثانياً.

قال أبو عمرو: رأيتها بالألف لا غير, وقوله وَطَرَا : أي بلغ مراده وقضى حاجته.

 

217 وفيكُمُ شركاءُ أمْ لَهُم شُرَكَا
ج
  شُورى وأنباءُ فيهِ الخلفُ قد خَطَرَا

 

 

أي ومما صورت فيه الهمزة بواو وألف بعدها قوله تعالى: (ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَٰٓؤُاْ ۚ)[الأنعام 94]. وقوله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ)[الشورى: ٢١]. وقيد موضع الأنعام بـ (فيكم) احترازاً من غيره نحو: (فَهُمْ شُرَكَآءُ فِى ٱلثُّلُثِ)[النساء: ١٢]. و (فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ ۚ)[الأنعام: ١٣٩].

 

وقيد موضع الشورى بسورته احترازاً من قوله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأْتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ) [القلم: ٤١ ].

قوله وأبناءُ فيهِ الخلفُ : أي اختلف في قوله تعالى: (وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ)[المائدة: ١٨]. فرسم في بعض المصاحف بواو وألف بعدها, وفي بعضها بدون واو في جميع القرآن, وقوله قد خَطَرَا : يقال خطر الرجل: إذا عظم وصار ذا قدر ومنزلة.

 

218 وفى يُنَبَؤُا الانسانُ الخلافُ يُنَشَّـ
ج
  ـؤُا وفى مقنعٍ بالواوِ مُسْتَطَرَا

 

 

أي ومما وقع فيه الخلاف قوله تعالى: (يُنَبَّؤُاْ ٱلْإِنسَٰنُ يَوْمَئِذٍ)[القيامة: ١٣]. فرسم في بعض المصاحف بواو وألف بعدها, وفي بعضها بألف فقط , وكذلك وقع الخلاف المذكور في قوله تعالى: (أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِى ٱلْحِلْيَةِ) [الزخرف: ١٨]. قوله وفى مقنعٍ بالواوِ مُسْتَطَرَا : أي ذكر أبوعمرو في المقنع أن موضع القيامة والزخرف بالواو والألف في الجميع.

 

وقال محمد بن عيسى في كتابه: (يُنَبَّؤُاْ ٱلْإِنسَٰنُ) بالواو والألف, والواو قبل الألف لأهل الكوفة وبإسقاط الواو لأهل المدينة.

 

218 وفى يُنَبَؤُا الانسانُ الخلافُ يُنَشَّـ
ج
  ـؤُا وفى مقنعٍ بالواوِ مُسْتَطَرَا

 

 

أي اتفقت المصاحف على رسم قوله تعالى: (إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمْ)[الممتحنة: ٤]. بواو بعد الراء وألف بعد الواو, وقوله: ولُؤْلُؤًا : أي لفظ (وَلُؤْلُؤا) كيف ورد معتصراً لهذا الباب, يعني بواو وألف بعدها, وقد سبق ذكرها, والمعتصر الملجأ, يقال اعتصرت به : إذا التجأت إليه.

 

220 ومعْ ضميِر جميعٍ أولياءُ بِلا

 

  واوٍ ولا ياءَ في مخفوضِهِ كَثُرَا

 

 

أي لفظ (أَوْلِيَآءَ) إذا اتصل به ضمير جمع قد كثر حذف الواو منه في حال الرفع التي هي صورت الهمزة, والياء منه في حال الخفض التي هي صورت الهمزة أيضاً على خلاف القاعدة.

 

قال أبو عمرو: وكل همزة أتت بعد الألف واتصل بها ضمير, فإن كانت مكسورة صورت ياءً, وإن كانت مضمومة صورت واواً, لأنها إذا سهلت جعلت بين الهمزة وبين ذلك الحرف, فالمكسورة نحو: (وَمِنْ ءَابَآئِهِمْ  – مِن نِّسَآئِهِمْ) والمضمومة نحو: (جَزَآؤُهُمْ – ءَابَآؤُهُمْ) فإن كانت الهمزة مفتوحة لم تصور, نحو: (أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ) وكذلك لم تصور إذا وقع بعد المكسورة ياء أو بعد المضمومة واوا, نحو : (إِسْرَٰٓءِيلَ –  مِن وَرَآءِى – جَآءُوكُم  – يُرَآءُونَ)  وإنما لم تصور في جميع ذلك لئلا يجمع بين صورتين.

 

قال أبو عمرو: في أكثر مصاحف أهل العراق (أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ) [البقرة: ٢٥٧]. (وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم) [الأنعام: ١٢٨]. (لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوْلِيَآئِهِمْ)[الأنعام: ١٢١]. (إِلَىٰٓ أَوْلِيَآئِكُم مَّعْرُوفًا ۚ)[الأحزاب: ٦]. (نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ)[فصلت: ٣١]. بغير واو ولا ياء, فهذا معنى قول الناظم: ومعْ ضميِر جميعٍ أولياءُ بِلا واوٍ, يعني في الرفع.

ثم قال: ولا ياءَ في مخفوضِهِ كَثُرَا , وأشار بقوله كَثُرَا: إلى قول أبي عمرو: في أكثر مصاحف أهل العراق.

 

221 وقيل إنْ أولياؤُهُ وفى ألِفِ الْـ

 

  بِناءِ في الكلِّ حذفٌ ثابتٌ جُدُرَا

 

 

أي قيل: إن الواو حذفت من قوله تعالى: (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلْمُتَّقُونَ) [الأنفال: ٣٤]. وفي كلامه إشارة إلى أن حذف الواو ليس متفقاً عليه, أو هذه اللفظة لم يذكرها أبو عمرو في المقنع.

وقوله وفى ألِفِ الْبِناءِ في الكلِّ حذفٌ : أي جميع ما ذكر لم ترسم فيه ألف البناء, وهي الألف التي قبل الهمزة من: (أَوْلِيَآؤُهُم) وما شابهه, وقوله جُدُرَا : جمع جدير, بمعنى حقيق, بحذف الألف للعلم بموضعها لعدم إمكان النطق بعدمها.