هل هو توقيفي بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم اصطلاحي باتفاق بين الكتبة وبين سيدنا عثمان رضي الله عنه ؟ و ذهبوا في ذلك مذاهب ثلاثة :
- المذهب الأول: أنه توقيفي لا تجوز مخالفته ، وذلك مذهب الجمهور.
ومجمل دليلهم : إقرار النبي صلى الله عليه وسلم الكتبة على كتابتهم ، ثم إجماع أكثر من اثني عشر ألفاً من الصحابة ، ثم إجماع الأئمة من التابعين و المجتهدين عليه ، وأدلة أخرى من العقل و النقل.
ومن جملة أقوالهم في التزام الرسم العثماني :
سئل مالك فقيل له: أرأيت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم ؟
فقال: لا أرى ذلك ، ولكن يكتب على الكتبة الأولى .([1])
قال أبو عمرو الداني : ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة) ([2]) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : تحرم مخالفة خط عثمان في واو وياء وألف وغير ذلك .([3])
- المذهب الثاني : أنه اصطلاحي فتجوز مخالفته ، وعليه ابن خلدون في مقدمته ، والقاضي أبو بكر، ودليلهم: أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض على الأمة شيئاً في كتابته ، ولم يرد في السنة والإجماع ما يوجبه. ولقد نوقش هذا المذهب بأدلة تضعفه وتقلل من منطقيته.
- المذهب الثالث : تجب كتابة المصحف للعامة على الاصطلاحات الشائعة عندهم ، و يجب في ذات الوقت المحافظة على الرسم العثماني بين الآثار الموروثة عن السلف. وهذا الرأي : يحتاط للقرآن الكريم من ناحية إبعاد الناس عن اللبس ، ومن ناحية إبقاء الرسم المأثور ليقرأ به العارفون به، والاحتياط مطلب ديني خاصة في جانب حماية التنزيل.([4])
والراجح : ما عليه الجمهور ، وهو: أن رسم القرآن توقيفي كله ، ومنه ما كان بإملاء الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابة بعض الكلمات ، والقسم الآخر كُتب كما تقرؤه قريش بلسانها.
[1] ـ المقنع في رسم مصاحف الأمصار ص 9 , لأبي عمرو الداني .
[2] ـ المقنع ص 10 ، وينظر: الإتقان للسيوطي 4 \ 1154.
[3] ـ مجلة البحوث الإسلامية – (66 / 345)
[4] ـ مباحث في التجويد والقراءات والإعجاز – (1 / 3)