نشأة القراءات

وقد نشأت القراءات أول ما نشأت منذ اللحظات الأولى لتلقي رسول الله (ص) لكلام ربه بواسطة جبريل الأمين (عليه السلام). فكان عليه الصلاة والسلام يقرؤه مرتّلاً مجوَّداً على أصحابه مصداق قول الله سبحانه: (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)) المزمل: ٤. وقوله عز وجل: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا (106)) الإسراء: ١٠٦

وقد أتقن الصحابة (رضي الله عنهم) تلاوته من واقع عربيتهم الفصيحة السليمة من كل شائبة، ومن واقع تلقيهم للقرآن غضاً طرياً من فم رسول الله r. ومن ثم قاموا هم بتعليمه لمن وراءهم على النحو الذي سمعوه وتلقوه.

وكان رسول الله (ص) يراعي لهجات القبائل العربية في النطق واللفظ، وذلك من فضل الله على الأمة ، حيث أنزل الله سبحانه القرآن الكريم على سبعة أحرف.

روي عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) أنه قال: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) فَقُلْتُ كَذَبْتَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) أَرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشَامُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ * ([1])

[1] ـ البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف 4991، مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف 818، السنن الكبرى للنسائي – (ج 1 / ص 324)