كتاب ( التيسير في القراءات السبع ) لمؤلفه الإمام العلامة الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني الأموي مولاهم القرطبي المعروف في زمانه بابن الصيرفي ، ولد سنة 371هـ وبدأ بطلب العلم منذ نعومة أظفاره ، ورحل إلى المشرق ودخل مصر سنة 397هـ ، كان أبو عمرو آية في علم قراءة القرآن وطرقه ورواياته ، وتفسيره ومعانيه ، وإعرابه ، ولم يكن في عصره من يضاهيه في قوة حفظه وحسن تحقيقه ، ونقل عنه أنه كان يقول : ما رأيت شيئا قط إلا كتبته ، وما كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته، وكان أيضا بارعا بعلوم الحديث وطرقه وأسماء رجاله وكذلك في الفقه وسائر العلوم ، وتوفي سنة 444هـ.
والحق أن كتابه من أصح الكتب المؤلفة في علم القراءات وضبطها كما قال ذلك ابن الجزري ، وقد نظمه أبو محمد القاسم بن فيره الشاطبي تسهيلا لحفظه وتعليمه في القصيدة الموسومة بـ (( حرز الأماني ووجه التهاني)) والمعروفة بالشاطبية ، فصار الفرع أشهر من الأصل وأكثر شروحا منه لأن المنظوم أسهل للحفظ.
وكتاب التيسير ينقسم من حيث ذكر خلاف القراء إلى قسمين:
القسم الأول: يبحث في اختلاف القراء السبعة ومذاهبهم التي تطرد ويكثر دورها في السور ويجري القياس عليها كنحو الاختلاف في الاظهار والادغام والمد والقصر والهمزتين والفتح والإمالة وبين اللفظين والوقف وغير ذلك من الأبحاث ، وهو مرتب على أبواب وفصول وترتيب المسائل فيها تابع لما يرد في الفاتحة وأوائل البقرة من الحروف على سياقها.
وأما القسم الثاني: فيحتوي على ذكر الحروف التي يقل ورودها في القرآن الكريم ولايقاس عليها ، واختلاف القراء في هذا الباب أكثر توسعا من القسم الأول ، كمثل اختلافهم في القراءة بالجمع والتوحيد وبالاستفهام والخبر وبالخطاب والأخبار إلى غير ذلك.