ما يتعلق بالاختلاس في بعض ألفاظ القرآن
تعريف الاختلاس : الاختلاس مرادف للرَّوْم والإخفاء , وهو الإتيان ببعض الحركة بصوت خفي مع سرعة النطق بالحرف.
قال الإمام الشاطبي في تعريف الرَّوْم:
وَرَوْمُكَ إِسْمَاعُ المُحَرَّكِ وَاقِفًا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ كُلَّ دَانٍ تَنَوَّلاَ 368
وقال ابن الجزري في تعريفه:
وَالرَّوْمُ اِلاتْيَانُ بِبَعْضِ الحَرَكَةْ إِشْمَامُهُمْ إِشَاَرةٌ لَا حَرَكَةْ 353
ويكون الرَّوْم في الحرف الموقوف عليه إن كان مرفوعاً أو مجروراً, مضموماً أو مكسوراً. أي علامات الإعراب والبناء, مثل: ” نستعينُ ــ قبلُ ” للرفع والضم ” و ” الرحيمِ ــ هؤلاءِ” للجر والكسر.
تنبيه: الرَّوْمُ يكون مع القصر في المد العارض للسكون إلا إذا كان الموقوف عليه مداً متصلاً فيمد أربع أو خمس حركات .
والخلاصة أن الرَّوْمَ يُعَامَلُ معاملةَ الوَصْلِ.
قال الشيخ إبراهيم السمنودي رحمه الله :
وَالسَّكْتُ كَالْوَقْفِ لِكُلٍّ قَدْ نُقِلْ حَتْمًا, وَإِنْ تَرُمْ فَمِثْلَ مَا تَصِلْ
تعريف الإِشْمَام : هو ضم الشفتين بُعَيْدَ إسكان الحرف الموقوف عليه, كمن ينطق بالضمة من غير صوت, نحو: ” نستعينُ , تحسبُ , الحمدُ , الكتبُ ”
والإشمام يدركه المبصر ولا يدركه الأعمى .
فائدة الروم والإشمام: بيان حركة الحرف الموقوف عليه أو المدغم .
ما يتعلق بالوقف على أواخر الكلم
الأصل في الوقف أن يكون بالسكون المحض الذي لا حركة معه، وهناك أوجه أخرى, وهي: الرَّوْمُ و الإِشْمَامُ .
قال الشاطبي:
وَالإِسْكَانُ أَصْلُ الْوَقْفِ وَهْوَ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَقْفِ عَنْ تَحْرِيكِ حَرْفٍ تَعَزَّلاَ 365
وَعِنْدَ أَبِي عَمْرٍو وَكُوفِيِّهِمْ بِهِ مِنَ الرُّوْمِ وَالإِشْمَامِ سَمْتٌ تَجَمَّلاَ 366
وقال ابن الجزري:
وَالأَصْلُ فِى الوَقْفِ السُّكُونُ وَلَهُمْ فىِ الرَّفْعِ وَالضَّمِ اشْمِمَنَّهُ ورُمْ351
وَامْنَعْهُمَا فِى النَّصْبِ وَالْفَتْحِ بَلَى فىِ الجَرِّ وَالكَسْرِ يُرَامُ مُسْجَلاَ352
ويكون الرَّوْم في وسط الكلمة أو عند الوصل وهو المراد هنا, ويكون عند الوقف وسيأتي ذكره:
الرَّوْمُ – الاختلاس – على نوعين :
أولاً : اختلاس جاءت به الرواية في القراءات السبعية, فهي صحيحة مقروء بها:
الأمثلة عليها :
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ )
[البقرة: ٦٧] . اختلاس ضم را ” يأمرُكم ” .
قوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ)
[البقرة: ٥٤] . اختلاس كسر همزة ” بارئِكم ” .
قال الشاطبي :
……………………. وَعَدْنَا جَمِيعـاً دُونَ مَا أَلِفٍ (حَـ )لاَ
وَإِسْكَـانُ بَارِئِكُمْ وَيَأْمُرُكُمْ لَــهُ وَيَأْمُـرُهُمْ أَيْـضًا وَتَأْمُـرُهُمْ تَــلاَ
وَيَنْصُرُكُمْ أَيْضـًا وَيُشْعِرُكُـمْ وَكَمْ جَلِيـلٍ عَنِ الْدُّورِيِّ مُخْتَـلِسًا جَـلاَ
قوله تعالى: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ) [البقرة: ٢٧١] . اختلاس كسر عين ” نعِمـا “ .
قال الشاطبي : نِعِمَّا مَعًا في النُّونِ فَتْحٌ كَمَا شَفَا وَإِخْفَاءُ كَسْرِ الْعَيْنِ صِيغَ بِهِ حُلاَ
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ ) [البقرة: ٢٦٠] . اختلاس كسر را ” أرِني ” .
قال الشاطبي :
وَأَرْنَا وَأَرْنِي سَاكِنَا الْكَسْرِ دُمْ يَدًا وَفي فُصِّلَتْ يُرْوِي صَفا دُرِّهِ كُلاَ
وَأَخْفَاهُمَا طَلْقٌ …………… ………………………..
ثانياً : اختلاس يجب التحرز منه , وهو على قسمين :
القسم الأول : اختلاس لا يتغير المعنى به.
1- اختلاس في كلمة واحدة
الاختلاس في هذه الآيات يقع في الكلمات التي تحتها خط وما شابهها , وذلك بأن القارئ يسرع في نطق الحرف الثاني والثالث من الكلمة , والذي عليه أن يتمهل ويجعل زمن النطق بالحروف متساوياً , لا يبطئ في حرف ويسرع في آخر من الكلمة الواحدة .
2- اختلاس بين كلمتين
أما الاختلاس في هذه الآيات فهو يقع في كلمتين , وذلك بأن القارئ يجعل الكلمتين في النطق كالكلمة الواحدة , والصواب أن يفصل الكلمة عن التي تليها في النطق حتى يظهر معناها .
القسم الثاني : اختلاس يتغير المعنى به.
- اختلاس في كلمة
الاختلاس في هذه الآيات يقع في الكلمات التي تحتها خط وما شابهها ,وذلك بأن القارئ لا يجعل النبرة على الحرف الثاني من الكلمة, وعليه أن يعلم الحروف الزائدة على الكلمة ويعرف معناها.
2- اختلاس بين كلمتين
أما الاختلاس في هذه الآيات فإنه يقع في كلمتين , وعلى القارئ ألا يسرع عند نطق الحروف , وألا يجعل الكلمتين في النطق كالكلمة الواحدة , وأن ينصت إلى القراء الحاذقين , والعمدة في ذلك كله هو التلقي من أفواه الشيوخ المجودين المتقنين .
تنبيه على غنة الإخفاء :
غنة الإخفاء تتبع الحرف الذي يليها تفخيماً وترقيقاً , وليحترز القارئ من إلصاق طرف اللسان في مخرج النون أثناء الغنة , أو وضع اللسان في مخرج الحرف الذي يلي النون الساكنة أو التنوين أثناء الغنة كذلك .
الأمثلة عليها :
الإشمام يكون مع جميع حالات العارض للسكون من القصر والتوسط والإشباع .
فمثلاً كلمة : ” نستعينُ ” عند الوقف عليها يجوز فيها سبعة أوجه وهي : ثلاثة بالسكون المحض ــــ قصر وتوسط وإشباع ـــــ ومثلها مع الإشمام, والروم مع القصر.
وأما مثل كلمة ” قبلُ ” ففيها ثلاثة أوجه, السكون والإشمام والروم.
أما مثل كلمة ” الرحيمِ ” ففيها عند الوقف أربعة أوجه, وهي: القصر والتوسط والإشباع مع السكون المحض, والروم مع القصر .
وأما مثل ” بعدِ ” ففيها وجهين السكون والروم .
أما مثل كلمة ” العالمينَ” ففيها عند الوقف ثلاثة أوجه, وهي: القصر والتوسط والإشباع مع السكون المحض .
وأما مثل “قبلَ” ففيها وجه واحد وهو الوقف بالسكون المحض .
قال ابن الجزري:
وَحَـــــاذِرِ الْوَقْـفَ بِكُلِّ الْحَــــرَكَـهْ إِلاَّ إِذَا رُمْتَ فَبَعْضُ حَـرَكَهْ
إِلاَّ بِفَتْحٍ أَوْ بِنَـصْبٍ ، وَأَشِـمْ إِشَارَةً بِالضَّـمِّ فِي رَفْــعٍ وَضَــــمْ
الحالات التي يمتنع فيها الروم من الإشمام :
يمتنع الروم و الإشمام في الحالات التالية :
1- ما كان آخره ميم جمع, نحو: (بِهِمُ الْأَسْبَابُ) فيوقف على الميم بالسكون المحض فقط.
2- ما كان آخره هاء تأنيث, أي التاء المربوطة, نحو: (تَبْصِرَةً)
3ـ ما كان آخره هاء ضمير, إذا كان قبلها ضم, نحو: (يَرْفَعُهُ ۚ) أو كان قبلها كسر, نحو: (وَزَوْجِهِ ) أو كان واواً, نحو: (فَعَلُوهُ) أو ياءً, نحو: (فَأَلْقِيهِ).
أما إذا سبقت هاء الضمير بفتح أو ألف أو ساكن صحيح فإنه يجوز فيها الرَّوْمَ والإِشْمَامَ, نحو: المسبوقة بفتح: (لَهُ) والمسبوقة بألف: (اجْتَبَاهُ ) والمسبوقة بساكن صحيح: (مِنْهُ )
4- ما كان آخره حركة عارضة, نحو: (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل: ٢] . فإنه يوقف على الميم بالسكون المحض.
يقول ابن الجرزي في الطيبة :
وَهَاءُ تَأْنِيثٍ وَمِيمُ الْجَمْعِ مَعْ عَارِضِ تَحْرِيكٍ كِلَاهُمَا امْتَنَعْ
(رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [الممتحنة: ٤ ].
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين, والحمد لله رب العالمين