الاعتماد في نقل القرآن

[ 4 ]

الاعتماد في نقل القرآن على حفظ الصدور:

إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور فضلا عن حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (  وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ ) ([1]).

 

فأخبر الله تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرءوه في كل حال، كما جاء في صفة هذه الأمة ” أَنَاجِيلُهُمْ فِي صُدُورِهِمْ “ ([2])

 

فقد خَصَّ الله تعالى هذه الأمة في كتابهم هذا المنزل على نبيهم صلى الله عليه وسلم بما لم يكن لأمة من الأمم في كتبها المنزلة فإنه تعالى تَكَفَّل بحفظه دون سائر الكتب، ولم يَكِلْ حفظه إلينا قال تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر: 9].، وذلك إعظام لأعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ولمَّا تكفَّل الله تعالى بحفظه خَصَّ من شاء من بريَّته وأورثه من اصطفاه من خليقَتِه قال تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) [فاطر: ٣٢] .

 

وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (  إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، فَقِيلَ: مَنْ أَهْلُ اللهِ مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ ). ([3])

 

 

 

 

[1] –  رواه مسلم في صحيحه من حديث  عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ – كِتَاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا بَاب الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ  حديث 7386.

[2] رواه الطبراني في  المعجم الكبير 10 / 89 حديث  10046 ، ورواه البيهقي في دلائل النبوة 1 / 382 حديث 343 وأورده الهيثمى في مجمع الزوائد (8/271) وقال: فيه من لم أعرفهم .

[3] رواه  أحمد في المسند 3 / 127 ، رقم 12301) ورواه النسائي في السنن الكبرى (5/17 ، رقم 8031) ، ورواه البيهقي في شعب الإيمان 6214 ،  أخرجه الطيالسى (ص 283 ، رقم 2124) ، والدارمي (2/525 ، رقم 3326) ، والحاكم (1/743 ، رقم 2046) ، وقال : وقد روى هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس هذا أمثلها . وأبو نعيم في الحلية (3/63) ، والبيهقي في شعب الإيمان (2/551 ، رقم 2688) . قال المنذري (2/231) : إسناده صحيح .