لا ترقق لام لفظ الجلالة إلا في حالة واحدة ، وهي : إذا أتى قبلها كسر ، مثل:( بِسْمِ اللّهِ) وكذلك :( قُلِ اللَّهُمَّ) .
45 | وَحَرْفَ الاِسْتِعْلاَءِ فَخِّمْ، وَاخْصُصَا | الاِطْبَاقَ أَقْوَى ٰنَحْوُ قَالَ وَالْعَصَا |
أي : يجب تفخيم حروف الاستعلاء المجموعة في ” خص ضغط قظ ” مطلقاً مثل :
﴿خالدين ، صابرين ، الضالين ، الغارمين ، طال ، القائمين ، الظالمين﴾ ، ويخص بالتفخيم من حروف الاستعلاء ما كان فيه صفة إطباق أيضاً وهو أربعة أحرف (الصاد والضاد والطاء والظاء ) فيكون التفخيم فيها أقوى .
وحروف الاستعلاء بحسب القوة والضعف الناشئتين من اختلاف أحوالها ستة أضرب :
- المفتوح الذي بعده ألف ، نحو : ” قَال ، خَالدا ، الضَّالين “ .
- المفتوح من غير ألف ، نحو ” قَول معروف ، خَوف ، ضَل ” .
- المضموم ، نحو ” يقُول ، خُلق من ماء دافق ” .
- ـ ما كان ساكنا بعد فتح أو ضم ، نحو : ” يَقْبل ، يَخْرج ، من يُصْرف ، وهو يُطْعِم “
- ـ الساكن بعد كسر , نحو : لا تُزِغْ , ٱقْرَأ , فِطْرت الله .
- ـ المكسور ، نحو : ” وقِيل ، ناضِرة ، تبصِرة ” .
وعند المصنف خمسة أضرب حيث جعل الساكن المسبوق بفتح أو ضم أو كسر في درجة واحدة .
م | الحرف | المفتوح وبعده ألف | المفتوح | المضموم | الساكن وقبله فتح أو ضم
|
الساكن وقبله كسر | المكسور |
1 | الطاء | طَائِعِينَ | طَلْعٌ | يَسْطُونَ | يَطْمَعُ –مِن نُّطْفَةٍ | فِطْرَتَ | يَطِيرُ |
2 | الضاد | الضَّالِّينَ | يُضِلُّ | ضُرِبَ | يَضْرِبَ – خُضْرٍ | بِضْعِ | ضِيزَى |
3 | الصاد | الصَّابِرِينَ | صَلَحَ | صُلْحاً | تَصْرِف – يُصْرَف | إصْراً | نَصِيرٍ |
4 | الظاء | الظَّالِمِينَ | ظَلَمَ | ظُلِمَ | أَظْلَمُ – تُظْلَمُونَ | وَعِظْهُمْ | الظِّلَّ |
5 | القاف | قَالُوا | يَا قَوْمِ | وَقُولُوا | وَأَقْوَمُ – يُقْبَلُ | اقْرَأْ | قِيلاً |
6 | الغين | غَالِبٌ | الْغَفُورُ | يَغُلَّ | يَغْلِبْ – يُغْنِى | لَا تُزِغْ | غِلٍّ |
7 | الخاء | خَائِفِينَ ۚ | خَوْفٌ | خُلِقَ | أَخْرَجَ – يُخْلَقْ | إخْرَاجٍ | الْآخِرَةِ |
فائدة: توضيح مراتب التفخيم الست:
أولاً : الألف بعد الحرف يشبع حركة الفتحة, فإن كان الحرف مفخماً, كان الألف إشباعاً للتفخيم, وهنا يظهر الفرق بين المفتوح وبعده ألف وبين المفتوح وليس بعده ألف.
أما المضموم فهو أقل من المفتوح في التفخيم, لأن الحرف المفتوح يخرج بفتح الحنك, والفتح علامة للتفخيم, يَظْهر ذلك في باب الفتح والإمالة, بخلاف الضم, فالحرف المضموم يخرج مع ضم الشفتين. هذه الثلاثة الأولى .
ثانياً : الحرف الساكن يتأثر بحركة ما قبله تفخيماً وترقيقاً, سواء كان في وسط الكلمة أم في آخرها, والحرف المفتوح أو المضموم يؤثر في الحرف الساكن الذي يليه أكثر مما يؤثر الحرف المكسور من ناحية التفخيم والترقيق, ويظهر ذلك جلياً في حرف الراء, مثل : (وَمَرْيَمَ – غُرْفَةً – وَالْفَجْرِ – خُسْرٍ ) للمفخم بالوقف على الآخرتين, و (الْفِرْدَوْسِ – أَنْ أَنذِرْ) للمرقق. وحروف التفخيم السبعة كذلك إن سكنت تتأثر بحركة ما قبلها, وهنا يتضح لنا أن الحرف المفتوح أو المضموم يؤثر في الحرف الساكن الذي يليه من حروف التفخيم أكثر مما يؤثر الحرف المكسور, أما الحرف المكسور فهو أدنى مراتب التفخيم, وهذا لا يخفى . وهذه الثلاثة الأخيرة, والله أعلم .
46 | وَبَيِّنِ الإِطْبَاقَ مِنْ أَحَـطْتُ ، مَعْ | بَسَطْتَ، وَالْخُلْفُ بِنَخْلُقكُّمْ وَقَعْ |
أي : بيّن صفة إطباق الطاء في كلمة ﴿أَحَطتُ﴾ من قوله تعالى 🙁 فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) [النمل: ٢٢] . و ﴿بَسَطْتَ﴾ من قوله تعالى (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ) [المائدة: ٢٨] . وما مثلهما .
أي إدغام الطاء في التاء مع بقاء صفة الإطباق للطاء وصلاً ووقفاً وهذا يسمى بالإدغام الناقص.
فائدة: كيفية الأداء في الكلمتين ﴿أَحَطتُ – بَسَطْتَ﴾ هي : أن تدخل على الحرف بطاء وتخرج منه بتاء.
وقوله ” والخلف بنخلقكم وقع ” أي قوله تعالى: (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍۢ مَّهِينٍۢ) [المرسلات: ٢٠] . وقع فيه الخلاف بين أهل الأداء , في بقاء صفة الاستعلاء للقاف مع الإدغام في الكاف , وفي ذهابها معه، مع اتفاقهم على الإدغام، والوجهان جائزان.
ولكن ما عليه الجمهور من أهل الأداء هو الإدغام المحض وعدم إبقاء صفة استعلاء القاف.
وكيفية الإدغام المحض أن تنطق بكاف مشددة, أما الإدغام الناقص, أن تدخل على الحرف بقاف وتخرج منه بكاف.
47 | وَ احْرِصْ عَلَى السُّكُونِ فِي جَعَلْنَا | أَنْعَمْتَ وَالْمَغْضُوبِ مَعْ ضَـلَلْنَا |
أي : احرص على سكون اللام من كلمة ﴿جَعَلْنَا﴾ وما ماثلها نحو: ” أنزلْنا ” وقلْنا “ وذلك بإظهار اللام حتى لا تدغم في النون ، وكذلك احرص على إظهار سكون النون من كلمة ﴿أَنْعَمْتَ﴾.وكذا ميمها ، وغين ﴿ﭐلْمَغْضُوبِ﴾. واللام الثانية من كلمة ﴿ضَلَلْنَا﴾.والحرص على سكون هذه الحروف وما ماثلها يكون بإظهار الحرف دون تحريكه .
48 | وَخَلِّصِ انْفِتَاح مَحْذُوراً، عَسَـىٰ | خَوْفَ اشْتِبَاهِهِ بِمَحْظُوراً،عَصَىٰ |
أي : فرِّق وميِّز صفة انفتاح الذال في كلمة ﴿مَحْذُوراً﴾ من قوله تعالى: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) [الإسراء: ٥٧] . وانفتاح السين في كلمة ﴿عَسَى﴾ من قوله:( عَسَىٰ رَبُّكُمْ) [الأعراف: ١٢٩] . مخافة أن تشتبه ﴿مَحْذُوراً﴾ بكلمة ﴿مَحْظُوراً﴾ من قوله : (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) [الإسراء: ٢٠] . و﴿عَسَى﴾ بكلمة ﴿عَصَى﴾ من قوله 🙁 فَكَذَّبَ وَعَصَى) [النازعات: ٢١] . فإن الذال والسين فيهما انفتاح والظاء والصاد فيهما إطباق .
49 | وَرَاعِ شِـدَّةً بِكَـافٍ وَ بِتَـا | كَشِرْكِكُمْ وَ تَتَـوَفَّىٰ فِتْـنَةَ |
أي : كن مراعياً الشدة في الكاف والتاء خصوصاً عند تكرارها نحو قوله تعالى:
( يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) [فاطر: ١٤] . (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) [المدثر: ٤٢] . ، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ) [النحل: ٢٨] . ، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً) بالأنفال: ٢٥] . وذلك لأن الشدة تمنع جريان الصوت فتحدث لك انزعاجاً لأنهما حرفان متتاليان ، فتتلخص منه بالهمس المصاحب لهما ، والحاصل أن كل حرف ينبغي أن تراعى فيه صفاته من جهر وهمس وشدة ورخاوة وغير ذلك من الصفات .
50 | وَأَوَّلَيْ مِثْلٍ وَجِنْسٍ إِنْ سَكَـنْ | أَدْغِمْ كَقُل رَّبِّ وَ بَل لاَّ، وَأَبِنْ |
أصلها: وأوَّلين, وحذفت النون للإضافة. أي إذا سكن الحرف الأول من المتماثلين أو المتجانسين وجب الإدغام.
المتماثلان:
تعريفهما: هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجاً وصفة.
مثالهما: الباءان من (اضْرِب بِّعَصَاكَ) [البقرة: ٦٠] . والدّالان من (وَقَد دَّخَلُوا) [المائدة: ٦١].
حكمهما: الإدغام إذا سكن الحرف الأول وتحرك الثاني، ويسمى: (إدغام متماثلين صغير).
– المتجانسان:
تعريفهما: هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجاً واختلفا صفة.
ويكونان في:
- الباء مع الميم من: (ارْكَب مَّعَنَا) [هود: ٤٢] .
- التاء مع الطاء ، مثل: (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ) [آل عمران: ٧٢] .
- التاء مع الدال من: (أَثْقَلَت دَّعَوَا) [الأعراف: ١٨٩] (أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا). [يونس: ٨٩] . ولا ثالث لهما في القرآن الكريم.
- والثاء مع الذال من:( يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ) [الأعراف: ١٧٦] .
- والدال مع التاء ، مثل:( وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ) [الأنفال: ٤٢] (َقَد تَّبَيَّنَ) [البقرة: ٢٥٦] .
- والذال مع الظاء في:(إِذ ظَّلَمُواْ) [النساء: ٦٤] .(إِذ ظَّلَمْتُمْ) [الزخرف: ٣٩] . ولا ثالث لهما في القرآن الكريم.
وحكمه الإدغام لسكون الحرف الأول وتحرك الثاني .
فائدة: في قول الناظم: “كقل رَّب” تمثيلاً للمتجانسين خروجاً عن مذهبه إلى مذهب الفرَّاء, الذي جعل اللام والنون والراء من مخرج واحد, وهذا يدل على تواضع ابن الجزري رحمه الله, واحترامه لآراء ومذاهب الآخرين.
51 | فِي يَوْمِ، مَعْ قَالُواْ وَهُمْ،وَقُلْ نَعَمْ | سَبِّحْهُ، لاَ تُزِغْ قُلُوبَ ، فَالْتَقَمْ |
قوله: “وأبن في يوم مع قالوا وهم” هذا استثناء من قاعدة إدغام المتماثلين الساكن الأول: أي إلا إذا كان الأول حرف مد فيجب الإظهار لئلا يذهب المد بالإدغام, نحو قوله تعالى:( فِي يَوْمٍ كان مِقْدَارُهُ) [السجدة: ٥] .( قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ) [الشعراء: ٩٦] .
وقوله: “وقل نعم سبحه لا تزغ قلوب فالتقم” فهذا استثناء من إدغام المتجانسين فيجب إظهار اللام عند النون من قوله (قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَٰخِرُونَ) [الصافات: ١٨] . فإنهما متقاربان على مذهب الناظم ومتجانسان على مذهب الفراء ، وذلك لأن النون لا يدغم فيها شيء مما أدغمت هي فيه .
وكذا يجب بيان الحاء الساكنة عند الهاء في قوله (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السجود)[ق: ٤٠] .
فائدة: الحرف الحلقي لا يدغم في أدخل منه والهاء أدخل من الحاء، وكذلك الحاء أقوى من الهاء، فالأقوى لا يدغم في الأضعف, فلابد أن تميز الحاء من الهاء في المخرج, لأنهما متحدان في الصفات.
وكذا يجب بيان الغين عند القاف في قوله: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا) [آل عمران: ٨] . لأن الغين حلقية بعيدة والقاف لهوية ، قال المصنف في كتابه التمهيد : إن الغين إذا لقيت حرفاً حلقياً وجب بيانها نحو: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا) [البقرة: ٢٥٠] . و “أبلغه” من قوله: (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ) [التوبة: ٦] . وكذا القاف نحو: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا) [آل عمران: ٨] لأن مخرج الغين قريب من مخرج العين قبله والقاف بعده فيخشى أن يتبادر اللفظ إلى الاختفاء والإدغام. اهـ
وكذا يجب بيان اللام عند التاء في قوله تعالى: (فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) [الصافات: ١٤٢] . لبعد مخرجيهما وهو ينافي الإدغام، ولئلا تشتبه بلام أل التي تدغم في التاء .