بَهْجَة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ
للشيخ : إبراهيم السمنودي
1 | لَكَ الْحَمْدُ يَا مَوْلايَ فِي السِّرِّ وَالْجَهْـرِ | عَلَى نِعْمَـةِ الْقُـرْءانِ يَسَّـرْتَ للذِّكْـرِ | |
2 | وَظَلَّ هُدًى للنَّـاسِ مِـنْ كُـلِّ ظُلْمَـةٍ | دَلائِـلُـهُ غُــرٌّ وَسَامِـيَـةُ الْـقَـدْرِ | |
3 | وَصَلَّيْـتُ تَعْظِيمًـا وَسَلَّمْـتُ سَرْمَـدًا | عَلَى الْمُصْطَفَى وَالآلِ مَعْ صَحْبِهِ الزُّهْرِ | |
4 | وَبَـعْـدُ فَـهَـذَا مَـا رَوَاهُ مُـعَـدِّلٌ | بِـرَوْضَتِهِ الْفَيْحَاءِ مِـنْ طَيِّـبِ النَّشْـرِ | |
5 | بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصٍ الْحَبْـرِ مَـنْ تَـلا | عَلَى عَاصِمٍ وَهْـوَ الْمُكَنَّـى أَبَـا بَكْـرِ | |
6 | فَفِي الْبَـدْءِ بِالأَجْـزَاءِ لَيْـسَ مُخَيِّـرًا | لِبَسْمَلـةٍ بَــلْ لِلتَّـبَـرُّكِ مُسْتَـقْـرِي | |
7 | وَمُتَّصِلا وَسِّطْ وَمَا انْفَصَـلَ اقْصُـرًا | وَلا سَكْتَ قَبْلَ الْهَمْزِ مِنْ طُرُقِ الْقَصْـرِ | |
8 | وَمَا مُـدَّ لِلتَّعْظِيـمِ مِنْهَا وَلَـمْ يَجِـئْ | بِهَـا وَجْـهُ تَكْبِيـرٍ وَلا غُنَّـةٌ تَسْـرِي | |
9 | وَفِي مَوْضِعَيْ ءالاَنَ ءاَلذَّكَرَيْـنِ مَـعْ | ءاللهُ أَبْدِلْهَـا مَـعَ الْمَـدِّ ذيِ الْـوَفـرِ | |
10 | وَأَشْمِـمْ بِتَأمَنَّـا وَيَلْهَـثْ فَأَدْغِـمًـا | مَعَ ارْكَـبْ وَنَخْلُقكُّـمْ أَتِـمَّ وَلا تُـزْرِ | |
11 | وَبَـلْ رَانَ مَـنْ رَاقٍ وَمَرْقَدِنَـا كَـذَا | لَهُ عِوَجًا لاَ سَكْتَ فِـي الآخِرَيْنِ ادرِ | |
12 | وبِالقصْرِ قُلْ فِي عَينِ شُورَى ومرْيَم | وَفَخِّمْ بِفِرْقٍ وَهْوَ فِي آَيَةِ الْبَحْرِ | |
13 | وَءاتَانِ نَمْـلٍ فَاحْـذِفْ الْيَـاءَ وَاقِفًـا | كَذَا الأَلِفَ احْذِفْ مِنْ سَلاَسِـلَ بِالدَّهْـرِ | |
14 | وَبِالْسِّينِ لاَ بِالْصَّادِ قُلْ أَمْ هُمُ الْمُصَـيْـ | طِرُونَ وَبِالْوَجْهَينِ فِـي فَـرْدِهِ النُّكـرِ | |
15 | وَفِي يَبْصُطُ الأُولَى وَفِي الْخَلْقِ بَصْطَةً | وَيَاسِينَ نُونٍ ضُعْـفَ رُومٍ كَـذَا أَجـرِ | |
16 | وَلَكِنْ مَعَ الإِظْهَـارِ صَـادُ مُصَيْطِـرٍ | وَفِي بَصْطَةً سِينٌ كَـذَا يَبْصُـطُ الْبِكْـرِ | |
17 | وَفَتْحٌ لَدَى ضُعْـفٍ عَـنْ الْفِيـلِ وَارِدٌ | وَبِالْعَكْسِ عَنْ زَرْعَانَ وَالْكُلُّ عَنْ عَمرو | |
18 | وَأُهْدِي صَلاتِي فِـي الْخِتَـامِ مُسَلِّمًـا | عَلَى خَاتَمِ الرُّسْـلِ الْهُـدَاةِ إِلَـى الْبِـرِّ | |
19 | وَءالٍ وَصحْـبٍ كُلَّمَـا قَـالَ قَـائِـلٌ | لكَ الْحَمْدُ يَا مَوْلاَيَ فِي السِّرِّ وَالْجَهـرِ |
شرح بهجة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ
للشيخ إبراهيم السمنودي رحمه الله
قال رحمه الله تعالى :
1 | لَكَ الْحَمْدُ يَا مَوْلايَ فِي السِّرِّ وَالْجَهْـرِ | عَلَى نِعْمَـةِ الْقُـرْءانِ يَسَّـرْتَ للذِّكْـرِ |
افتتح الناظم أرجوزته بالحمد اقتداءً بالقرآن المجيد . الذي افتتح بالحمد لله رب العالمين .
وقوله : يامولاي . نداء لله تعالى , وفيه حسن ظن بالله بأن الله وليه .
قال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [ البقرة: 257 ] “, وقوله: (ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَىٰهُمُ ٱلْحَقِّ ۚ) [ الأنعام: ٦٢ ] .
والحمد لله تعالى في السر والجهر . على نعمة القرآن الذي وهبنا الله إياه , وجعلنا من حملته .حيث يسر الله لنا حفظه وتلاوته . قال الله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) [ القمر: 17 ]
2 | وَظَلَّ هُدًى للنَّـاسِ مِـنْ كُـلِّ ظُلْمَـةٍ | دَلائِـلُـهُ غُــرٌّ وَسَامِـيَـةُ الْـقَـدْرِ |
أي أن القرآن جعله الله نوراً وهدىً للناس . منذ أن نزل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .يضيئ للناس طريقهم وبصائرهم إلى صراط الله المستقيم , ويخرجهم من الظلمات إلى النور.حيث سمى الله القرآن نور في قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا) [ التغابن: 8 ] فآياته واضحة عالية القدر والشرف والمنزلة .
3 | وَصَلَّيْـتُ تَعْظِيمًـا وَسَلَّمْـتُ سَرْمَـدًا | عَلَى الْمُصْطَفَى وَالآلِ مَعْ صَحْبِهِ الزُّهْرِ |
والصلاة هي الدعاء , ومن الله تعالى رحمة . أي صلى وسلم دائماً أبدًا على المصطفى وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . الذي اصطفاه ربه , وارتضاه للنبوة , وبعثه بالرسالة .
وآله صلى الله عليه وسلم هم أقاربه وأهل بيته , أو هم جميع أتباعه من أمته .
وصحبه الزهر : هم الصحابة رضي الله عنهم .
والصحابي : هو من صحب النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك .
والزهر : المضيئ . والصحابة مضيئون بنور الإيمان والتقوى . ومنه الأزهران : الشمس والقمر .
4 | وَبَـعْـدُ فَـهَـذَا مَـا رَوَاهُ مُـعَـدِّلٌ | بِـرَوْضَتِهِ الْفَيْحَاءِ مِـنْ طَيِّـبِ النَّشْـرِ |
أي بعد ما تقدم من الحمد والصلاة . وهي كلمة يؤتى بها للانتقال من غرض أو أسلوب إلى آخر. أي هذا الذي أذكره من كلمات هو ما رواه ابن المعدَّل في كتابه ” الروضة ” ([1]) الذي اختاره الإمام ابن الجزري في كتابه النشر([2]) .
5 | بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصٍ الْحَبْـرِ مَـنْ تَـلا | عَلَى عَاصِمٍ وَهْـوَ الْمُكَنَّـى أَبَـا بَكْـرِ |
أي هذه الطريقة التي قرأ بها ابن المعدَّل بالإسناد المتصل إلى حفص الذي قرأ على عاصم .
وعاصم : هو عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي , وكنيته أبو بكر . وقيل اسم أمه بهدلة ، انتهت إليه الإمامة في القراءة بالكوفة بعد شيخه أبي عبد الرحمن السلمي .
وهو أحد القراء السبعة , وكان من التابعين . توفي رحمه الله في آخر سنة 127 هـ .
وأما حفص : فهو حفص بن سليمان بن المغيرة بن أبي داود الأسدي الكوفي . صاحب عاصم , وابن زوجته . وكنيته أبو عمر . ولد سنة تسعين هجرية .
أخذ القراءة عرضاً وتلقيناً عن عاصم فأتقنها حتى شهد له الأئمة بذلك . ولقد كان رحمه الله كثير الحفظ والإتقان . وقد أثنى عليه الإمام الشاطبي بقوله : ([3]) وحفص بالإتقان كان مفضلاً
توفي رحمه الله سنة 180 هـ , والحبر : هو صاحب العلم الغزير .
6 | فَفِي الْبَـدْءِ بِالأَجْـزَاءِ لَيْـسَ مُخَيِّـرًا | لِبَسْمَلـةٍ بَــلْ لِلتَّـبَـرُّكِ مُسْتَـقْـرِي |
أي لحفص من طريق روضة ابن المعدَّل الإتيان بالبسملة في أجزاء السور على وجه نيل البركة بها , وليس له التخيير بين الإتيان بها وعدمه كما في الشاطبية .
وأجزاء السور : أي أثناؤها ولو بعد الآية الأولى .
7 | وَمُتَّصِلا وَسِّطْ وَمَا انْفَصَـلَ اقْصُـرًا | وَلا سَكْتَ قَبْلَ الْهَمْزِ مِنْ طُرُقِ الْقَصْـرِ |
أي لحفص من طريق الروضة التوسط في المد المتصل . نحو ( السَّمَآء ــ قُرُوء ــ سِيئَت ) والتوسط يمد أربع حركات .
والحركة : تقدر بزمن النطق بحرف . والحركتان : بزمن النطق بحرفين . وهكذا . فيختلف الزمن من حيث السرعة في القراءة والبطء .
وله القصر في المد المنفصل ويقدر بحركتين . نحو ( إِنَّآ أَنزَلْنَاه ــ قُوا أَنفُسَكُم ــ وَفِي أَنفُسَكُم ).
ويمتنع السكت قبل الهمز على قصر المنفصل من جميع طرق القصر .
8 | وَمَا مُـدَّ لِلتَّعْظِيـمِ مِنْهَا وَلَـمْ يَجِـئْ | بِهَـا وَجْـهُ تَكْبِيـرٍ وَلا غُنَّـةٌ تَسْـرِي |
أي وما قرأ حفص من طريق روضة ابن المعدَّل بمد التعظيم وهو نحو: (فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ) [ محمد: 19 ] ــ(لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ) [ الأنبياء: 87 ] ــ(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا) [ طه: 14 ] على قصر المنفصل . بل سوي بينهما ـ مد التعظيم والمد المنفصل ـ
إلا الهذلي في كتابه الكامل([4]) فإنه أجاز فيها المد للتعظيم على قصر المنفصل.
كذلك لم يثبت له من هذا الطريق وجه التكبير .
كما لم تأت الغنة له عند اللام والراء . نحو : (مِّن رَّبِّهِم) [ البقرة: 5 ] و(مِن لَّدُنَّا) [ النساء: 67 ] و(غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [ البقرة: 173 ] و (سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ) [ النحل : 67 ] فقرأ عندهما بالإدغام بغير غنة .
9 | وَفِي مَوْضِعَيْ ءالاَنَ ءاَلذَّكَرَيْـنِ مَـعْ | ءاللهُ أَبْدِلْهَـا مَـعَ الْمَـدِّ ذيِ الْـوَفـرِ |
أي لحفص من طريق الروضة . الإبدال مع المد المشبع في المواضع الآتية :
(أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) [ يونس: 51 ]
(آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [ يونس: 91 ]
(قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ) [ الأنعام: 143 ]
(قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ) [ الأنعام: 144 ]
(قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) [ يونس: 59 ]
(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ ۗ آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [ النمل: 59 ]
وهذه المواضع الستة أشار إليها بقوله : ” وفي موضعي ” أي : موضعي آلْآنَ.
وموضعي آلذَّكَرَيْنِ وموضعي آللَّهُ . وحذفت النون للإضافة .
ففيها الإبدال مع المد الوفير . أي المشبع . وهو يمد ست حركات . إذن ليس له من هذا الطريق التسهيل.
10 | وَأَشْمِـمْ بِتَأمَنَّـا وَيَلْهَـثْ فَأَدْغِـمًـا | مَعَ ارْكَـبْ وَنَخْلُقكُّـمْ أَتِـمَّ وَلا تُـزْرِ |
أي لحفص من هذا الطريق . الإشمام في كلمة : (مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ) [ يوسف: 11 ]
والإشمام : هو ضم الشفتين أثناء النطق بالنون المشددة . كمن يريد النطق بالضمة إشارة إلى أن الحركة المحذوفة ضمة . من غير أن يظهر لذلك أثر في النطق .
وله الإدغام في (يَلْهَث ۚ ذَّٰلِكَ) [ الأعراف: 176 ] . كما أدغم (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا) [ هود: 42 ]
وقوله : ونخلقكم أتم . أي أتم الإدغام فيها وهو الإدغام الكامل . حرفاً وصفة .
وهي قوله تعالى (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍۢ مَّهِينٍۢ) [ المرسلات: 20 ]
وقوله ولاتُزر : أي ولاتنقص أي لا تجعله إدغاماً ناقصاً .
11 | وَبَـلْ رَانَ مَـنْ رَاقٍ وَمَرْقَدِنَـا كَـذَا | لَهُ عِوَجًا لاَ سَكْتَ فِـي الأرْبَعِ الْغُرِ |
يؤخذ من كلام الناظم أن لحفص من طريق الروضة عدم السكت في المواضع الأربعة وهي :
(كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ) [ المطففين: 14 ]
(وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ) ا[ القيامة: 27 ]
(مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا) [ يس: 52 ]
(عِوَجًا ۜ (1) قَيِّمًا) [ الكهف: 1-2 ]
وأثناء عرضي للقرآن علي الشيخ عبد الرافع رضوان , وكذلك قراءتي للنظم عليه , وشرحه لي بالحرم النبوي الشريف .
قال لي : السكت في ” بل ران ” , و ” من راق ” وعدم السكت في ” مرقدنا هذا ” , و ” عوجا قيما ” وقد راجعت الشيخ إبراهيم السمنودي في ذلك فأجابني وذكرت له أنني اطلعت بنفسي على مخطوطة روضة الحفاظ للمعدل ووجدت فيها النص على ذلك . ا هـ
وقد قمت أنا بتعديل البيت , وجئت به للشيخ عبد الرافع في اليوم التالي بالحرم النبوي فأقرَّه , وهو :
11 | وَبَـلْ رَانَ مَـنْ رَاقٍ وَمَرْقَدِنَـا كَـذَا | لَهُ عِوَجًا لاَ سَكْتَ فِـي الآخِرَيْنِ ادرِ |
والمراد بالآخرين في البيت : مرقدنا , عوجا .
12 | وبِالقصْرِ قُلْ فِي عَينِ شُورَى ومرْيَم | وَفَخِّمْ بِفِرْقٍ وَهْوَ فِي آَيَةِ الْبَحْرِ |
أي لحفص من طريق الروضة . القصر في حرف ” عين ” الواقع في أول سورتي مريم وهو:
(كهيعص) [ مريم: 1 ] والشورى وهو : (حم (1) عسق ) [ الشورى: 1-2 ]
والقصر يمد حركتين .
كما ورد له من هذا الطريق التفخيم في الراء من كلمة ” فرق ” بسورة الشعراء . في الآية التي ورد فيها لفظ البحر . وهي(فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [ الشعراء: 63 ]
13 | وَءاتَانِ نَمْـلٍ فَاحْـذِفْ الْيَـاءَ وَاقِفًـا | كَذَا الأَلِفَ احْذِفْ مِنْ سَلاَسِـلَ بِالدَّهْـرِ |
أي ورد عن حفص من طريق روضة ابن المعدَّل . حذف الياء في كلمة (فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم) [ النمل: 3 ]
وذلك عند الوقف عليها . أما إذا وصلها بلفظ الجلالة بعدها أثبت الياء مع فتحها .
وكما ورد حذف الياء في ” (آتَانِيَ) [ النمل: 36 ] عند الوقف . كذلك ورد عنه حذف الألف الأخيرة من كلمة (سَلَاسِلَ) [ الإنسان: 4 ] وذلك عند الوقف عليها أيضاً .
وإذا وصل (سَلَاسِلَ) [ الإنسان: 4 ] بما بعدها حذفت الألف .
وقوله : في الدهر . أي السورة التي وردت فيها كلمة الدهر وهي سورة الإنسان في قوله تعالى (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) [ الإنسان: 1 ]
14 | وَبِالْسِّينِ لاَ بِالْصَّادِ قُلْ أَمْ هُمُ الْمُصَـيْـ | طِرُونَ وَبِالْوَجْهَينِ فِـي فَـرْدِهِ النُّكـرِ |
أي لحفص من طريق الروضة القراءة بالسين في كلمة (الْمُصَيْطِرُونَ) من قوله تعالى
(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) [ الطور: 37 ] وليس له فيها الصاد .
وقوله : وبالوجهين في فرده النكر . شرع الناظم في بيان الكلمات التي ورد فيها الخلاف بين الفيل([5]) وزرعان ([6]) من طريق روضة ابن المعدَّل .
أي ورد ” السين والصاد ” في كلمة (بِمُصَيْطِرٍ) من قوله تعالى (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)
[ الغاشية: 22 ] فهي وردت مفردة لكلمة (الْمُصَيْطِرُونَ) وكذلك نكرة. ويأتي تفصيل الخلاف بعد .
15 | وَفِي يَبْصُطُ الأُولَى وَفِي الْخَلْقِ بَصْطَةً | وَيَاسِينَ نُونٍ ضُعْـفَ رُومٍ كَـذَا أَجـرِ |
أي كذلك ورد السين والصاد في كلمتي ” يبصط , بصطة ” ففي الأولى من قوله تعالى :
(وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [ البقرة: 245 ]
وفي الثانية من قوله تعالى (وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) [ الأعراف: 69 ] .
وقوله وفي يبصط الأولى : أي أول موضع في القرآن . واحترز بقوله وفي الخلق بصطة : ليخرج (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) [ البقرة: 247 ] فلا خلاف في قراءتها بالسين .
وقوله ويـس نون : أي ورد فيهما الخلاف من طريق الروضة كذلك بين الإظهار والإدغام . أي من إظهار النون عند الواو . أو إدغامها فيها . في الموضعين . وهما :
(يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [ يس: 1-2 ] . و(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [ القلم: 1 ]
وقوله ضعف روم كذا أجر : أي أجر الخلاف كذلك في كلمة ” ضعف ” بين الفتح والضم . في سورة الروم . وهي وردت ثلاث مرات في قوله تعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [ الروم: 54 ]
16 | وَلَكِنْ مَعَ الإِظْهَـارِ صَـادُ مُصَيْطِـرٍ | وَفِي بَصْطَةً سِينٌ كَـذَا يَبْصُـطُ الْبِكْـرِ |
أي على وجه الإظهار في نون ” (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [ يس: 1-2 ] , و (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [ القلم: 1-2 ]
تُقرأ كلمة ” مصيطر ” بالصاد . في قوله تعالى (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) [ الغاشية: 22 ]
وتُقرأ كلاً من ” بصطة ” , و” يبصط ” بالسين . في قوله تعالى : (وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً) [ الأعراف: 69 ] , وقوله تعالى : (وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [ البقرة: 245 ]
وهي التي أشار إليها الناظم بقوله يبصط البكر : أي بالسورة التي وردت فيها كلمة البكر . من قوله تعالى : (لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ) [ البقرة: 68 ]
17 | وَفَتْحٌ لَدَى ضُعْـفٍ عَـنْ الْفِيـلِ وَارِدٌ | وَبِالْعَكْسِ عَنْ زَرْعَانَ وَالْكُلُّ عَنْ عَمرو |
أي كذلك على وجه الإظهار في نون (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [ يس: 1-2 ] و (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) [ القلم: 1 ] ووجه الصاد في (بِمُصَيْطِرٍ) [ الغاشية: 22 ] والسين في (يَبْسُطُ)
[ البقرة: 245 ] , (بَسْطَةً) [ الأعراف: 69 ] يأتي الفتح في الضاد من (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) [ الروم: 54 ]
وقد وردت هذه الأوجه عن الفيل .
وقوله وبالعكس عن زرعان : أي بعكس هذه الأوجه في الكلمات المذكورة وردت عن زرعان . وهي : الإدغام في نون (يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) [ يس: 1-2 ] و (ن وَالْقَلَمِ) [ القلم: 1 ]
والسين في كلمة (بِمُصَيْطِرٍ) [ الغاشية: 22 ] والصاد في كلاً من (وَيَبْسُطُ) [ البقرة: 245 ] (بَسْطَةً) [ الأعراف: 69 ] والضم في (ضَعْفٍ) [ الروم: 54 ] في مواضعها الثلاثة .
وقوله والكل عن عمرو : أي ما ورد عن الفيل , وما ورد عن زرعان . الكل مروي عن عمرو ابن الصبّاح ([7])
18 | وَأُهْدِي صَلاتِي فِـي الْخِتَـامِ مُسَلِّمًـا | عَلَى خَاتَمِ الرُّسْـلِ الْهُـدَاةِ إِلَـى الْبِـرِّ |
وكما بدأ بالحمد والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , كذلك ختم منظومته بها ، هديَّة إلى خاتم الأنبياء والمرسلين , وهادي البريَّة إلى صراط الله المستقيم . ليكون الشكر أولاً وآخراً على جزيل النعمة ، وجميل المنة , وليكون ختامه مسكاً .
كذلك ختم بالصلاة والسلام على آل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , وعلى أصحابه الكرام . كلما افتتح قارئ منظومته ” البهجة ” قائلاً : لك الحمد يا مولاي في السر والجهر .
فمن بدأ عمله بالحمد والثناء , والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء , وآله وأصحابه الأوفياء . نال بركة الابتداء , ووفق في الانتهاء , مع عدم القطع في الأثناء .
[1] ـ كتاب الروضة في القراءات السبع للإمام الشريف أبي إسماعيل موسى بن الحسين المعدَّل المتوفى سنة 480هـ أو بعدها . “صريح النص” . للشيخ الضباع . ص 36
[2] ـ كتاب النشر في القراءات العشر للإمام محمد بن محمد بن محمد بن علي
يوسف المعروف بابن الجزري . المتوفى سنة 833 هـ
[3] ـ الشاطبي : هو الإمام أبو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الشاطبي الأندلسي الرعيني الضرير . ولد في آخر سنة 538 هـ بشاطبة , وتوفي في سنة 590 هـ بالقاهرة . وقصيدته : هي”حرز الأماني ووجه التهاني”في القراءات السبع المعروفة بالشاطبية .
[4] ـ كتاب ” الكامل ” في القراءات العشر والأربع الزائدة عليها للإمام أبي القاسم يوسف بن علي الهذلي المغربي نزيل نيسابور , وتوفي بها سنة 465 هـ . (صريح النص) للشيخ الضباع ص 37 .
[5] ـ هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن حميد الفامي . الملقب بالفيل . توفي سنة 289 هـ . وقيل سنة 287 . وقيل 286 . وكان شيخاً ضابطاً ومقرئاً حاذقاً مشهورا . وإنما لقب بالفيل لعظم خِلقه . ” كتاب النشر لابن الجزري . الجزء الأول ص 157
[6] ـ هو أبو الحسن زرعان بن أحمد بن عيسى الدقّاق البغدادي . توفي سنة 290 هـ . وكان من جلة أصحاب عمرو ابن الصبَّاح مشهوراً فيهم . ضابطاً محققاً متصدرا . ” نفس المصدر ص 158
[7] ـ هو عمرو ابن الصبّاح بن صبيح البغدادي الضرير . توفي سنة 221 هـ . وكان مقرئاً ضابطاً حاذقاً من أعيان أصحاب حفص . كتاب ” النشر ج 1 . ص 157 .